هكذا يقول المثل عن من يمارس السرقة نهاراً جهاراً، أي سارق ومبهرر لا حياء لديه مطلقاً، هذا النمط من السرق لا يكون إلا بعد أن يصل هذا اللص إلى مستوى الحرفية في ممارسة سرقاته، في حضرة هذا النمط من اللصوص لا جمال للحديث عن القيم والحياء والإنسانية، فكما حدثني أحدهم ببجاحة قائلا لو أن للمواطن مائة مليون ووصله منها خمسة مليون فذلك شيء عظيم، قاطعاً القول لا تحدثني عن المثالية في هذه الظروف هي فرصة لابد أن تغتنم.
تأملت في كلام هذا الأخطبوط الذي أمثاله كثر في هذا الزمن ممن اعتبروا أن الفرصة أمامهم مواتية لذا تجدهم في كل مكان حاضرين ولا مجال لديهم للحديث عن أي شيء قيمي، لا يكترثون إطلاقاً لا لآلام ولا لعذابات غيرهم، ربما للحالة المركبة في شخصية هؤلاء التي هي في الأصل فاضية من كل شيء، فالوعي المتدني وغياب الوازع الديني والحياة البهيمية والغرائز هي التي تحرك تلك الدمى الآدمية..
والمؤسف أن تجد تلك النماذج في مفاصل السلطة، فعلى أي أساس تم اختيار هؤلاء الباروتونات للسلطة؟ وما هي مؤهلاتهم وإمكانياتهم؟
هكذا وجدوا أنفسهم في مراكز السلطة يأمرون وينهون ولا يكفون إطلاقاً عن ممارسة سلوك استحواذي بنهمٍ لا حدود له في جني المكاسب الذاتية على أوسع نطاق.
المؤلم حقاً أن نمط الفاسدين من هذا النوع أخذت مصالحهم تكبر على غفلة من الزمن، هؤلاء يدافعون عن مصالحهم بل تكونت بؤر عصابات تنسق أعمالها وتواجه كل من يقف في طريقها بعد أن جيروا مرافق ومؤسسات عامة لصالحهم الشخصي، وهو الوضع الذي يبدو أننا سنعاني من تبعاته لسنوات طوال وفق معطيات عدة وشواهد كثيرة.
وهنا يبرز السؤال: في ظل غياب الدولة ومؤسساتها، كيف يمكننا معالجة أوضاع على هذا النحو؟!
في تقديري أن المعالجات غير ممكنة أصلاً إلا بأجهزة دولة متكاملة، في حين أن الوضع الحالي أخذ أبعادا عدة منها تنامي آلية الفساد وانتشار حالة العدوى، وهي الحال التي تجعل الفاسدين يمارسون سلوكهم هذا بكل بجاحة ولا يخشون أحدا، كما لو أن تلك السرقات نمطا لأعمال بطولية أو هي حق لهم، ففي كل معاملة تجابه بالقول: (أين حقنا؟!).. أي أن المسألة باتت حقًا..!