كثيرون من الأصدقاء يتساءلون هل يمكن ان تقوم دولة مدنية في الجنوب و عاصمتها عدن بالرغم من وجود بعض العصبيات القبلية التي عادت مرة أخرى الى السطح.
...
احياناً ارى انني أحلم، كيف يمكن لنا ان تكون لنا دولة مدنية في ضل تعاضم الأفكار القبلية في الجنوب.
في الجنوب يوجد الكثير من القبائل التي تسكن مناطق مختلفة، و لكن الكثير منها ترك مناطقه و هاجر الى عدن و استوطن فيها، و للأسف بعضهم جلب معه أعرافهم و تصرفاتهم ليفرضوها على المجتمع المدني في عدن، و لا يهتموا بالقوانين المدنية المكتوبة.
...
بعد الإستقلال في 1967م تزايد أعداد ابناء الريف في عدن، و إحتفظوا بكل تصرفاتهم الغير مدنية، لهذا بدلاً من تمدين الريف جرى ترييف المدينة.
حاول الرفاق بناء حياة مدنية في عدن، و لكنهم فشلوا، و كانوا عندما يختلفون تكون العصبية القبلية هي السائدة و الحاكمة بينهم، و ما حرب 13 يناير الا دليلا على ذلك.
و كذلك بعد الوحدة تنامي تأثير العادات القبلية، و تنامت قوتهم بسبب ضعف الدولة، و كذلك كانت الدولة تساعدهم في ذلك، فقامت القبائل بملئ فراغ الدولة من خلال توفير الحماية لأفرادها و تولي مهمة القضاء القائم على الأعراف.
...
أما الآن و بسبب ضعف أجهزة الدولة الأمنية تزايدت العمليات الإجرامية في البسط على اراضي أهل عدن، و هذا يعني ان القبائل الجنوبية اصبحت تلعب دوراً موازياً لدور الدولة الضعيفة، لهذا اصبحت القبيلة تشكل وحدة إجتماعية لها شخصيتها المعنوية في المجتمع الجنوبي، و ذلك بسبب عدم انتقال البلاد إلى مستوى من التحديث الصناعي يؤهلها إلى تجاوز التجمعات القبلية.
هذا يعني ان الدولة فاشلة في تحجيم دور القبيلة في العاصمة عدن.
ان لجوء ابناء القبائل لقبائلهم اثناء الأزمات للحفاظ على مصالحهم يعتبر مؤشرأ سيئاً لمشكلة إستعادة الجنوب، فمن الواجب اللجوء إلى كل ما يدعم تثبيت سلطة الدولة حتى تقف على قدميها.
انا ارى ان الجماعات القبلية لا تملك في موروثها تجربة سياسية يمكن الاعتداد بها، و هذا ما يساعدها على الفوضى.
اريد هنا ان انوه انني لا اقصد كل ابناء القبائل من يقومون بهذه الأعمال السيئة، و في من ابناء القبائل من يناصر الحياة المدنية بل و يدافع عليها، و لكن ما قصدته في موضوعي هذا هم الفاشلون و المجرمون.
الخلاصة:
ــــــــــــــــ
لهذا فكرت لماذا لا نعمل مثل ما عملت بريطانيا في العراق سنة 1916م بأن سنت قانونين مكتوبين، الأول القانون المدني الأساس، و الثاني قانون القبائل.
و هذا سيساعدنا ان نبتعد عن قانون الأعراف القبلي الغير مكتوب، و سيجنبنا بعض التصرفات العوراء الذي ينفذها بعض المتنفذين الذين يعتقدون ان قبائلهم ستحميهم حتى لو كانوا مخطئين.
الدكتور علي محمد جارالله
8 يناير 2019م