هل يختلف حال الجنوبيين عما هم عليه من تشظي وعدم الانسجام والتوافق وغياب الرؤية تجاه قضيتهم الأم عما هو عليه حالهم بعد عام 1990م؟
وفق كافة المعطيات لا يوجد فارق يذكر على صعيد الرموز والنخب التي كل منهم يغني على ليلاه، وبمعزل قطعاً عن الإرادة الجنوبية التي لم تكن في نطاق حساباتهم.. هذا الانفصال عن الواقع هو ما يميز سير الرموز والنخب الجنوبية التي هي في أغلب الحالات على حال من الركود أو هو السبات الشتوي الذي طال أمده بعد انفراط عقدهم المهلهل في التسعينات.. حتى إن ذاكرة بعضهم لم تعد قادرة على الإفاقة من سباتها، وإن أفاقت فمفرداتها تلازم تلك الفترة الزمنية الماضية التي لم تعد قادرة على تجاوزها.. الحال الذي يجعل الكثير منهم يكرر نفس هواجس الماضي التي تلازمه، ما يجعل الحديث لديهم عن رؤية جنوبية توافقية تعكس خيارات شعبنا من الأمور المستحيلة بل المتعذرة تماماً.
هذا الافتقار لديهم لم يعد خافياً على أحد، بدليل أن تلك العقول بمجموعها لم تستطع إنتاج مشروع توافقي مطلقاً بحكم تكريس كل طرف لما يمثل قناعاته. إذن واقع على هذا النحو لا يعني مطلقاً أن تنكفئ نخب الجنوب على نفسها وتقبل بالأمر الواقع كما يروج البعض.. لماذا؟ لأننا شعب حي ومقاومة باسلة قدمت تضحيات جسيمة، ومن غير المنطقي أن يعكس الحصاد الأخير رأي هذه الرموز وتلك النخب التي هي في سلوكياتها لا تبدو معنية أو متصلة بإرادة شعبنا وتضحياته، الأمر الذي يدعو قوانا الجنوبية الحية إلى عدم المراهنة على أدوات الماضي وابتكار مسارات سياسية توافقية لمن يعكسون خيارات شعبنا، لأننا أمام منعطفات حادة ولحظات مفصلية لا يمكن معها إلا تتويج نضالات شعبنا وتضحياته عبر مسار تلك الإرادة الشعبية، وهذا ما يتطلع إليه الجنوب في التسويات القادمة التي يراهن البعض على أن تكون طرفاً هامشياً فيها.