المجتمع الشمالي، مجتمع يصعب تحليلة وفقا للمعايير المتعارف عليها، تزاوج وتصالح غريب بين العلم والتعليم والثقافة والجهل، فتجد حامل الدكتوراة لا يشعر بالحرج والخجل وهو متكوم عند اقدام الشيخ او القبيلي او العسكري الجاهل، بل ويستمع الى توجيهاته.
جيش من الاكاديميين والمتعلمين والاختصاصيين والمثقفين ،يتحركون باشارة من عسكري جاهل او شيخ قبيلي متخلف لا برتبط باي علاقة او انتماء للعصر الراهن سوى السيارة اخر موديل التي اشتراها بالمال الذي استولى عليه بالقوة من الدولة والمجتمع وحقوق الفقراء المستعبدين.
لذلك انتهك متعلموا ومثقفوا الشمال الوظيفة الحقيقية للثقافة والعلم والتعلم كادوات محفزة ودافعة لتغيير واقع الحياة الاجتماعية المزري التي يعيشها الشمال.
فلم نستغرب عندما وجدنا شريحة المثقفين والمتعلمين الشماليين يدعمون وبقوة التحالف العصبوي والعسكري والمشائخي وهو يجتاج الجنوب ويدك كل معلم ينتمي للمدنية والحداثة والانتماء للعصر، وينهب ويدمر بنيتة الاقتصادية وعلاقاتة المجتمعية المبنية على اساس العدالة الاجتماعية، بل استهدف وبقوة كل مكونات الثقافة العصرية في الجنوب والموروث من قيم الحق والعدل والمساواة والصدق والاخلاق الحسنة بين الناس فيما بينهم من جهة، وبين الناس والدولة من جهة اخرى وارسى محلها ثقافة العربية اليمنية التي لا تنتمي الى قيم وجوهر ديننا الاسلامي الحنيف، بل وتتعارض مع كل الموروث والراهن الانساني للبشرية المقدسان لحق وكرامة الانسان. ولا نبالغ بالقول انهم كرسوا دينا وعلاقات لا تربطها ادنى علاقة بالدين الاسلامي الحنيف الذي اتى به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
لذلك كله، ماتت الوحدة اليمنية في مهدها في 22مايو 1990، بل انه ولواقع المجتمع الشمالي الذي شرحنا الجزء اليسير منه، يستحيل فرض انشاء اي شكل من اشكال الاتحاد بين الشمال والجنوب، وسوف يرتكب المتمسكون بهذا المشروع المدمر جريمة انسانية بكل المقاييس في حق الشعبين.
فلا الجنوب سوف يكون في مأمن عن نزعة القتل والاستحواذ التي تتحكم بعقول العصابات الشمالية.ولن يترك الشمال للمضي في مساره الموضوعي لمعالجة واقعه المتخلف،والاهتداء الى الطريق الصحيح لبناء حياتة ودولتة المدنية الديمقراطية الصحيحة.