قبل حوالي عامين ونيف كنت أملك 200 $، وكانت كل ثروتي آنذاك، قررت الاحتفاظ بها داخل ظرف كرتوني في إحدى حقائب ملابسي، كنت أتفقدها كل صباح كأب حنون يتفقد أولاده ويطمأن عن صحتهم، ولكنني كنت غير مقتنع بحجمها، فطبيعي بأن أي شخص يريد أن يشاهد ثروته تنمو أمام عينيه.
حينها قررت تحويل أموالي إلى الريال اليمني.. حولتها فطلعت حدود 43 ألف ريال، وكان حجمها كبيرا، والظرف الكرتوني بدأ يكبر، وبدأت أشاهد ثروتي تنمو أمام عيني، واحتفظت بها إلى قبل شهر تقريبا، حينها حصل ظرف طارئ لصديق عزيز عليَّ فاضطررت إلى صرف ثروتي وإعادتها إلى الدولار كما كانت.
حملتها في الظرف، وطلبت من الصراف بأن يفتحها بنفسه، وأخبرته بأنني محتفظ بها منذ عامين ونيف، قال لي الدولار معدوم وعشانك يا عادل هت 3 ألف وباعطيك مية، حسّيت محل الصرافة يدور بي وأنا أتخيل ثروتي وفكري الاقتصادي العقيم، أقسمت له بأنها كانت 200 دولار، ابتسم، وقال مصدقك هات ثلاثة ألف وشل لك مية دولار بلا فلسفة، قلت له والمية الثانية كيف؟ قال مع الشرعية، الريال ضاع والعملة أصبحت بلا قيمة، هبوط العملة يعني ارتفاع الأسعار وهبوط الراتب حولت الميتين إلى أقل من مية دولار، وغادرت محلات الصرافة.
خسرت ثروتي مرة واحدة ومثلي آلاف الموظفين يخسرون نصف رواتبهم شهريا بغير شعور، يعدونها مكتملة، لكنهم لا يشعرون بأن حجمها قد نقص وقيمتها تلاشت كثيرا، والأسعار ارتفعت بشكل مجنون، مما يهدد البلاد بمجاعة قادمة، حيث أصبح قيمة كيس الأرز قرابة 30 ألف ريال، وهناك ارتفاع مجنون في بقية السلع الغذائية، ليس ضحيتها العاطلون عن العمل فحسب، بل والموظفون، فالمدرس الذي كان راتبه قرابة 65 ألف ريال بما يعادل 300 $، الآن أصبح أقل من 150 $، فحكومة الشرعية استطاعت تخفيض الراتب بنسبة خمسين بالمائة، وارتفعت الأسعار بأكثر من 60 ٪ وخصوصا الأغذية الضرورية.
الانهيار الاقتصادي الذي نعيشه اليوم أبرز أسبابه فساد الحوثيين والحكومة الشرعية وطبع مليارات الريالات دون غطاء مالي وسحب المخزون الاحتياطي للعملة من البنك المركزي وبسبب شلة لصوص شرعيين وانقلابيين أصبحت رواتب الموظفين بلا قيمة، وأصبحت البلاد أمام كارثة اقتصادية حقيقية لن ينجو منها أحد.
*- عادل حمران