طبيعي أن يموت من امتهن مهنة مروض أفاعي بلدغة افعى .
إن النقطة التي قتلت عفاش هي تحالفه مع التطرف ، فلم يتعظ الرجل رغم كل مواهب الذكاء الفطري التي حباه الله بها من التحالف مع هذا النهج من الإسلام السياسي المتطرف الذي لايقبل الا نفسه ويجعل من حليفه بلاطة وصول يسير عليها لتحقيق هدفه .
بدأ حياته السياسية متماهيا مع الاخوان المسلمين ثم متحالفا معهم ولما حل الربيع الاخواني رءاهم استحوذوا على ثورة التغيير كاستحواذهم علي بقية ثورات الربيع وهم شركاؤه ولم يكونوا قط سجناءه كغيرهم في البلاد العربية ، بل كانوا شركاء في كل مغانمه ، فجن جنونه وانطلق فتحالف مع تطرف آخر نكاية بالجميع تطرف لايقل شراسة وغدرا عن تحالفه مع التطرف الأول .
لم تكن تجربة انديرا غاندي موغلة في تاريخ التحالفات السياسية الخطاء مع التطرف ولم يستوعبها مروض الافاعي كما كان يزهو بقدراته لكن " اذا نزل التقدير وضع الله الآفة في التدبير "
رحل عفاش مقتولا وقدم على ربه وحيدا ضعيفا لا تابع ولا نصير وهي سنة الهية في عباده مهما زها عبد وتجبر في الحياة .
الكل شاهده وهو يستشهد بقوله تعالى " ..تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء.. " استشهد بها ليلة أن سلم الحكم لخلفه عبدربه منصور لكن الرجل كان يرددها ولم تترسخ ايمانا في قلبه ولم يستشعر حضورها . فاختار طريقا معاكسا اوصلته إلى نتيجة رآه الجميع بها .
يجب أن لانغالط انفسنا أفرادا وشعوبا وحكاما فصنعاء لم تنتفض ولن تنتفض. .
لماذا تنتفض؟
أتريدونها تنتفض من أجل الاستبداد؟، ما صار فيها وتناقله الاعلام في الثلاث الأيام الماضية ليس ثورة كثورة يناير في مصر ففي الحالة المصرية لم يكن الرمز حسني مبارك ولا أحد من أولاده بل كان الرمز الجيش المصري وفي ثورة صنعاء المزعومة كان الرمز هو المستبد وبنيه وازلامه وفساده ومليشياته، فلا يوجد جيش وطني يمني وما سمحت العصبوية الزيدية ولن تسمع المذهبية الزيدية به ولن تسمح به أيضا الإخوانية الزيدية في مارب ، وشيء طبيعي أن تؤول محاولات بناء الجيش الوطني إلى فشل .
فشل عفاش طيلة حكمه أن يؤسس جيش وطني وسيفشل علي محسن في بناء جيش وطني لأنهما حماة ذات العصبوية .أما الحوثي فلا يؤمن بالوطنية من اساسها.
الشعب في الشمال محبط خرج في التغيير وارادها ثورة فاستحوذها الإخوان وحولوها إلى " ارحبوا " فالتحق بها نصف فساد عفاش وضاعت الثورة ولما اقتحمها الحوثي لاذ الاخوان والفساد الملتحق بهم فرارا
" حفظا لدماء المسلمين" فكيف تريدون من شعب أن يجعل من الفرار الهاربين رموزا.
في مقتل عفاش رسائل عدة :
منها أن التحالف مع التطرف هلاك للحاكم والشعب والوطن .
ومنها إن على عبدربه منصور أن يتحرر من التحالف مع التطرف وان لايكرر نفس خطأ عفاش .
ومنها أن التطرف مشروع واحد لا فرق فيه بين شيخ متطرف وعقائدي متطرف فلم يعد ذلك الشيخ الهمجي الخارج من عباءة الإمام.بل شيخ تم اعداده بدقة .
ومنها أن الجزيرة العربية اليوم بين مشروعين ايرانيين هما هلال شيعي ممتد من العراق مرورا بسوريا وانتهاء بلبنان حزب الله وفي الزاوية الجنوبية الغربية يتأسس الحوثي في صنعاء ولم يعد الحوثي يتوارى خلف أي برقع اخر.
ومنها أن الرهان على اتباع عفاش أو مؤتمره الشعبي العام أو القبائل المناصرة له رهان خاسر فالقبائل التي لم تقاتل مع عفاش حيا لن تقاتل من أجله ميتا دفاعا عن خرافة " العيب الأسود " القبائل تحب المال وممكن أن تستنبت عرف داثر للاسترزاق وليس للقتال ، لكن الحوثي يعرف كيف يسوس تلك القبائل بدون مال بل " بالعين الحمرا " هذا موروث الحكم الزيدي تختزنة ذاكرة أهل الهضبة بقدر اختزانها لحب المال ، هذه العين الحمراء جعلت الشيخيان جليدان وابو شوارب ينسحبان واتباعهما من مواجهة الحوثي وعفاش في قصره ولم ينتخي فيهما عار العيب الأسود .
صالح علي الدويل