احتضار وطن في عيد الاستقلال

2017-11-30 08:26

 

تهل علينا الذكرى الخمسين لعيد استقلال الجنوب العربي في الثلاثين من نوفمبر وكنا نتمنى  أن تتدفق في هذه المناسبة  مواكب النور والفرح والسعادة في كل أرجاء الجنوب في ظل دولة وطنية تحمي ترابه ومكتسباته وانجازاته.. وفي ظل دولة وطنية نستظل جميعنا تحت رايتها   ولكن أحلامنا تبخرت منذ أن استولت عصابة مارقة ماكرة على بلادنا منذ العام 1967م واحتكرت الحكم لنفسها ولم تعترف بباقي الأحزاب والمكونات الاجتماعية واختزلت شعب الجنوب بكامل أطيافه في مسمى واحد هو (كل الشعب قومية ) وانتهجت تلك العصابة أساليب دموية طالت كل أطياف المجتمع وسمحت ببلاهة وسذاجة لعناصر الحجرية أن تتسلل إلى أعلى مراكز الدولة وصادرت القرار السياسي في بلادنا تحت شعارات زائفة ..وعندما نتلفت حولنا للدول التي نالت استقلالها بعدنا وقد قطعت أشواطا في البناء والتنمية ومنها ماليزيا وسنغافورة ..في حين ساقتنا تلك العصابة بشعاراتها الغبية والساذجة كدولة مستقلة إلى باب اليمن ورضيت أن ترتهن لحكم  عشائري متخلف يحكم بعقلية السلالة والقبيلة والمذهب ،وأضاعت الوطن وسلمت دولة كاملة السيادة عضو في الجامعة العربية والأمم المتحدة  ،وساقت شعبا كامل السيادة ورهنت أرضه وثرواته وجيشه وبره وبحره لعصابات إجرامية تحت مسمى الوحدة التي نخرت بها مسامعنا منذ استيلائها على حكم الجنوب  .

 

والحصيلة كما قال الأخ العزيز الشيخ محسن بن فريد، في تغريده له  :"يتم الاحتفال غدا ب 50 سنة على استقلال الجنوب العربي "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية" بإدارة الجبهة القومية ، ما هي حصيلة هذه السنة50  ؟ الحصيلة فشل على كل الأصعدة والهوان الذي نحن فيه الآن ، عدن كانت منارة في جزيرة العرب واليوم لا تجد إنارة لبيوتها وشوارعها "حسبنا الله ونعم الوكيل " انتهى.

 

لقد تجرع شعبنا في الجنوب سلسلة من القهر والآلام  منذ العام 1967م ولا زالت مستمرة حتى اليوم ..وتحل علينا ذكرى الاستقلال  وتغيب مواكب الفرح عن بلادنا الجريحة المكلومة التي تتشح بالسواد ويلفها الحزن والمجاعة والحرب  والألم  والمرض ..!!

يأتي العيد الوطني للاستقلال ونحن  نبكيك يا وطن العزة وقد أهانك السفهاء من  أبنائك ووضعوك تحت الحراب والأسنة ..حتى أثخنتك الجراح ..

إنها مرثاة وطن يحتضر اليوم .. يمزقه أبناؤه ويعبثون به بعد أن حولوه إلى حطام وأشلاء متناثرة ..لا يسمع فيه إلا أزيز الرصاص ولا يرى فيه إلا احتزاز الرؤوس وتطاير الأشلاء وبتر الأطراف وحرق القلوب والأجساد وطن مقهور من أبنائه يقتلون بعضهم بعض تارة باسم الإسلام وأخرى باسم الشرعية ..وتارة تحت شعارات : الموت لأمريكا .. اللعنة على اليهود ..يرددونها حتى تبح حناجرهم وتتبخر هتافاتهم في السماء.. وأولئك    القوم أمنون في ديارهم لم ولن يصلهم شيء حتى الهتاف لا يسمعونه !!

وشعبنا ينام على الدموع ويصحو على القهر والألم.. يسفك دمه وتسلب حقوقه وتهدر ثرواته ..وتنسف أحلامه ..تلاحقه جحافل الميلشيات وينشر جنودها الكوليرا والوباء.. ويحملون الموت في ثيابهم وتحت عمائمهم وفي بنادقهم ..ينهبون المساعدات والمعونات الإنسانية ويبيعون الأدوية والأمصال ويختطفون الأطفال ويسوقونهم إلى الموت قسرا ....وأبناء الوطن تفتك بهم الكوليرا ممدون في الطرقات وفي ساحات المستشفيات تحت الشمس والغبار.. ولا يجدون الدواء إلا إذا اشتروه وهم لا يملكون ثمنه!! ..لا ملجأ لهم ولا مأوى.. وهم يحتضرون ويموتون في العراء.. ومن سلم من الوباء لم يسلم من العناء وشظف العيش ..الموت يتربص بالجميع من رصاص طائش أو قتل متعمد أو ضحية تفجير داعشي إرهابي يموت دون أن يعرف غريمه أو جرمه الذي ارتكبه . إنها مرثية وطن يحتضر ..

حزني عنيد وجرحي أنت يا وطني

لاشيء بعدك مهما كان ..يغنينا

إني أرى الدمع في عينيك ساخنة

نبكي عليك وأنت الآن تبكينا