لقد انتهى بكل تأكيد عصر الحزب أو المنظمة السياسية الحاكمة الواحدة في العالم إلا في اربع دول هي كوبا والصين وكوريا الشمالية و زيمبابوي , وعرف العالم أن السلام الاجتماعي الحقيقي في أي بلد (وليس القمع) لا يحل إلا عندما تكون هناك ديمقراطية حقيقية.
وهذا يقودنا إلى أدوات هذه الديمقراطية التي تتمثل في القوانين المنظمة للعمل السياسي والمنظمات و النقابات المختلفة وحق تشكيلها وهو ما يقود فعليا ألى أن تمارس هذه الاحزاب والمنظمات السياسية والنقابات الديمقراطية في صفوفها وتنظم المسألة بكل شفافية بحيث يصبح اختيار القيادات أمرا ملزما بل وسيكون مخالف للقانون إن لم يتم بالانتخاب من أسفل إلى أعلى وليس بالتعيين من الأعلى كما كان شائعا في أنظمة الحكم الشمولية في الدول الاشتراكية السابقة وبعض الدول التي كانت تدور في فلكها.
من هنا يمكننا أن نقول أن المبدأ الأساسي الذي يجب أن يسير عليه المجلس الانتقالي الجنوبي بعد التحضيرات الجارية لاختيار مجالس مؤقتة في المحافظات أن يقوم بالتحضير لعقد مؤتمر وطني يتم من خلاله اختيار الأطر القيادية بطريقة حرة وديمقراطية لتثبيت الممارسة الديمقراطية الحقيقية والتي تبدأ من الفروع المحلية في المديريات التي ستعتبر أصغر وحدات للمجلس حيث يصبح كل عضو ناشط في منطقته ومطلعا على أوضاع العمل السياسي فيها وفاعل في اختيار قيادته لا أن تفرض عليه من أعلى .
يجب انتخاب أعضاء المجالس المحلية ومجالس المحافظات بعد وضع الأنظمة الداخلية للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يقوم بتنظيم الانتخابات من قواعد وأنصار المجلس حتى تستمد القيادة على مستوى الجنوب شرعيتها من قواعدها بل وتتحمل المسؤولية أمامها.
يتطلب ذلك أن يكون للقواعد المحلية الحق في أن ينتخبوا قياداتهم والمرشحين إلى المؤتمرات سواء في المحافظات وتقوم مؤتمرات المجلس في المحافظات بإنتخاب قوائم المرشحين للانتخابات الوطنية.
وبما أن المشاركين في مؤتمرات المحافظات هم مندوبون عن الفروع المحلية أو أعضاء فيها، يصبح ترشيح أشخاص غير منتخبين من القواعد المحلية أمرا غير ممكن.
و تكون من مهام مؤتمرات المجالس في المحافظات أيضاً اختيار المندوبين إلى المؤتمر الوطني على مستوى الجنوب الذي يقرر في مؤتمره برنامج العمل السياسي للمرحلة الوطنية لاستكمال مرحلة التحرر السياسي والاقتصادي وبرنامج المرحلة الانتقالية في بناء الدولة الجنوبية كما وينتخب قيادة المجلس التي ستكون الواجهة الأساسية للقضية الجنوبية في مواجهة الاستحقاقات السياسية التي ينتظرها الإقليم وإقامة التحالفات مع أي قوى جنوبية تتبنى رؤية بناء دولة جنوبية جديدة.
إن أهم مكسب وفائدة من فوائد هذا التنظيم أن يسمح باختيار أشخاصا لديهم القدرة السياسية في أغلب الأحيان، وليسوا مبتدئين سياسيين او طارئين على العمل السياسي يعرفون ماذا يريد منهم ممثلي أنصارهم في القواعد الشعبية و يدركون المطلوب منهم لتلبية رؤية شعبهم وآماله في الخروج من وحدة فاشلة والاستعداد لبناء دولة جديدة اتحادية في الجنوب تقوم على مبادئ التعددية السياسية والديمقراطية المنظمة لها واحترام حقوق الإنسان ..
من مهام مؤتمر المجلس في المحافظة أيضاً إيفاد المندوبين إلى المؤتمر الوطني للحزب الذي يقرر في برنامج المجلس على المستوى الوطني وينتخب قيادة المجلس. هكذا يكون تأثير قاعدة المجلس على قيادته مضموناً هنا أيضاً.
*- بقلم : د حسين لقور بن عيدان