بعيدا عن قراءة النوايا : ‘‘قراءة في مقال ــ مبادرة البخيتي‘‘

2017-03-20 08:37

 

بادئ ذي بدء مبادرة البخيتي لن تأتي بالجنوب لكنها أقوى مؤشر صدر عن الشمال حتى الآن.

 

لأول مرة تصدر  مبادرة بهكذا وضوح تجاه الجنوب من شخصية شمالية سواء استلطفناه أم لا فهذا لايهم ، مبادرة تعترف بأن لا حل إلا  بضرورة انفصال الجنوب عن الشمال ،

 البعض قدم قراءة لنوايا الكاتب اكثر مما تناول ما طرحته المبادرة، وقراءة كهذه تحمل المقال ماليس فيه.

 

ماطرحه البخيتي تجاوز ما طرحته بعض نخبنا من مبادرات بدون تحديد راعي مكلف ولا جهة من الجانب الآخر تتفاعل معها، ونجد من يروج لها حتى الآن .

 لم يحدد في مبادرته الحوار بسنوات ، ولم يضع له فدرلة ، بل حدد شهر للحوار حول إمكانية الاتفاق على صيغة متفق عليها للوحدة واذا لم يتم الاتفاق بعد الشهر ، تبدأ إجراءات فك الارتباط .

طبعا المبادرة لا تقدم الحل ففيها ثغرات والغام وهذا شي طبيعي أن يضعها عدوك ،  لكن علينا أن نأخذ الإيجابي فيها ولسنا ملزمين بالسلبي فما قدمه "البخيتي" على الأقل يجب ان نحسن تسويقه سياسيا واعلاميا .

 

رغم ما فيها من الالتواءات وافكار مسمومة وتحريض وانشائيات، فانها جديرة بالدراسة حيث يؤشر لنا بأن نستعد اذا كان لدينا قيادة سياسية جنوبية تؤمن بهدف الاستقلال بدون تقية ومناورات .. ولديهم دائرة مساعدة لصناع القرار في المكونات أو ممن تسمي نفسها نخب وولاءها للجنوب ، مع اني اشك بوجود هذه الدائرة ، فالكل اما زعماء أو يتحكم فيهم الولاء أولا .

 

في المقال/ المبادرة مؤاشرات مهمة بغض النظر عن المشحون العاطفي الذي يمكن أن نقراها به ،  فمن مؤشراتها انها اول صوت شمالي يعترف بانفصال الجنوب بكل وضوح ووضع له مبادرة ، بغض النظر عما حوت من الغام وضعها ليضمن أكثر مكاسب لقومه.. ففيها اعتراف للعالم  بأن الأمر الواقع الآن بين الشمال والجنوب هي حدود 90م وان الشمال الان خارج حدود الجنوب

 

اعتراف بأن التحالف هو صاحب الحل والعقد في المسألة وهذا ما وعته نخبهم والتحالف يقصفها فهل   تعيه بعض نخبنا ؟؟

المبادرة اعترفت بان الأمم المتحدة عاجزة فالتعويل عليها او على مبادراتها او اي رهان على الدول الكبرى عبر الامم المتحدة رهان غير مجدي ..وهذا يعني أنهم اقتنعوا أن لا جدوى منها ومن مساعيها وان اليمن ليست سوريا.. واعترف بأن الحوار الوطني مات وماتت معه مدينته الفاضلة

 

 البخيتي جزء من مشروع سواء سميناه عسة أو مجسة فهو يخدم سلطة الانقلاب ، وهذا يعني أن ما طرحه ليس من بنات أفكاره فقط  بل على الاقل ارهاصات تفكير بدأ يتكون فعليا في صنعاء

 

يتضح من المبادرة عمق هزيمة الانقلاب العائلي/ المذهبي وتآكله داخليا وانه  لم يعد  قادرا على حماية عرينه الطائفي/ العائلي ،  وان عدم سقوطه لايرجع لقوته بل لأن معارضته لاتريد إسقاطه لحساباتها  ....وتاريخيا عندما يشعر ذلك الوكر بالهزيمة يتخلى عن كل أطماعه الجغرافية في سبيل الحفاظ على جغرافية  الوكر التاريخي

 

في المبادرة ضربه استباقية من قوى الانقلاب ضد الإصلاح وعبدربه في الجنوب أو هكذا يريدون لها

 

 فيها تحريض للمغرورين منا بأن يعتقدوا أن هادي وقوته لايساوي شي ،  وهذا طعم علينا أن لإ نبتلعه ... بل علينا ان نميز مسار عبدربه عن الإصلاح

 

مسألة أن المبادرة متحيزة أو انها محاولة لإنقاذ القوى التقليدية الشمالية  فهذا شي طبيعي فالبخيتي جزء منها ، ونحن في الجنوب يهمينا جنوبنا وقواه أما الشمال. وقواه فهذا شأن يخصهم ولسنا مسئولين عنه

 

في تصوره للحلول خاطب السعودية وهي عنوان التحالف  بان أحزاب اللقاء المشترك تكون من اطراف الحوار عن قضايا الشمال  وتبحث مسائله واستبعدها عن الجنوب ولم يضعها أو يضع اي منها في مناقشة قضاياه .. وهذا اعتراف بأنها شمالية لا تمثل الجنوب .فما وجه الاعتراض في هذا؟

 

لم يجانب الصواب عندما دعى التحالف لرعاية حوار جنوبي/ جنوبي ، وحوار شمالي/ شمالي ، فقد كان موضوعي في طرحه .. فنحن مازلنا في الجنوب  لم نتفق على الهدف وليس الحامل الذي يحقق الهدف ..فمازال فينا دعاة فدرلة أو ما دونها ،  فهم أيضا يعانون ذات المشكل وان بشكل مختلف

 

كان موضوعي في مسالة وجود النفس المناطقي سواء في الشمال او في الجنوب ، ففي الجنوب لايمكن ان ينكر هذا النفس الا المصاب بعمى الالوان ، وان نجعله من مؤامرات بعض الاحزاب تبرير أكثر منه تقرير .. بالنسبة اليه فان الواقع الانفصالي الذي يتشكل في مأرب أكثر خطرا من انفصال الجنوب،  فهو يعرف خطورة نجاح هذا النموذج ونجاحه سيشكل الخطر الماحق لقوى النفوذ التاريخي  في الشمال ...وإنكار نخبنا له في الجنوب لايعني أن هذا المشروع لا يتحرك وبقوة لكنهم مازلوا أسرى قراءة القالب الوحيد أو الهروب برمي السبب على قوى حزبية متامرة ، رغم أن في التبرير الاخير وجاهة لكن أسبابه موجودة بدون هذه الأحزاب ومصالحها.

 

اعترفت المبادرة بدور القوى السياسية الشمالية في توتير الاوضاع وبتفكيك القوى السياسية الجنوبية فيجب ان تعيها كل قوانا ونخبنا لكن وعيها سيكون مرتبط باصلاح.البيت الجنوبي على قاعدة المصلحة  وليس على قاعدة الحشو الوطني والشعارات والتنظيرات.

 

 فيها تاكيد وضوابط لنجاح اي حوار ،  وبأن الحوار بين الشماليين لإ تتدخل فيه قوى أو شخصيات جنوبية..  وكذا الوضع بالنسبة للجنوبيين ،  وهذه اول مرة يظهر في خطاب سياسي أو إعلامي أو حزبي شمالي يطالب بالفصل وعدم تزوير التمثيل الذي نشكو منه

 

يجب أن لأ نرهن الجنوب بالقوى الشمالية وتصفية حساباتها البينية كما في بعض قراءات جنوبية للمبادرة  ، فهي قوى لن تحترب بل ستصل إلى مصالحات وهذا اسلوبها عبر التاريخ... سيصلون جميعا إلى صيغة

لحفظ دماء المسلمين فيما بينهم وتاخير الحرب يسير في ذات الاتجاه.

 

سيخطي أي محلل  لو  اسقط حالة ما قبل الحرب على حالة ما بعدها فذلك ليس من الموضوعية  فالبخيتي في مقالة / مبادرته كان أكثر استلهاما لمتغيرات الحرب ما بعدها ..فهل تستلهمها نخبنا ؟

*- كاتب وناشط سياسي – شبوه