الآفات هي تلك التي لا تجلب الا المضار وليس هناك وصف اقبح يمكن ان نطلقه على لجان الحكومة منذ العهد العفاشي الاول.
لا نعلن جديدا حين نقول ان من سمات حكم عفاش القبيحة، سمة اللجان، وانا هنا لا اخوض في سر هذا الاسلوب في الادارة، فهو سر لا يعلمه الا الله والراسخون في التكسب والفساد، لكن لاخواننا في تعز قول شائع في شان اللجان (اذا اردت ان تعجنها لجنها) اي، اذا اردت لموضوع ان لا ينجز شكل له لجنة، ذلك ان الوضع الطبيعي ان تقوم مؤسسات واجهزة الدولة بوظائفها في معالجة شؤون الناس وهي تستند الى قوانين ولوائح.. فيما لا ضوابط للجان فهي تجتهد حسب حاجة القائمين عليها.
لم يسجل العهد العفاشي ان لجنة انجزت امر شكلت من اجله حد علمنا المتواضع وحتى وان اقترحت اللجان حلولا فان مصيرها الاهمال اذا لم تتوافق ومزاج من شكلها، فلجنة (باصرة/هلال) مثلا، ذهبت مقترحاتها الى الادراج، وكان اخر عهدنا باللجان هي لجنتي (الاراضي والمبعدين عن وظائفهم في الجنوب) التي كتبنا عنها (موت يا حمار) واغضب اعضاءها، وهم من القضاة الذين نكن لهم كل الاحترام، وقد انقطعت اخبار هاتين اللجنتين منذ فترة ليست بالقصيرة.
يبدو ان حكومة (الكبسة) قد تذكرت تقليدا عفاشيا ناجعا تحقق من خلاله (حجا وبيع مسابح) اذ لم تكتفي بالاستضافة الكريمة من قبل الاشقاء في المملكة مع نثريات الاستضافة التي تنبئ عنها وجوههم وكروشهم المنتفخة او بتبادل تعيين افراد عائلاتهم في مكاتب بعضهم (تبادل منافع) برواتب وعلاوات باذخة فيما عائلات الشهداء والجرحى تبحث عن رغيف عيش، لم يكتفوا بكل ذلك ولكنهم ارادوا الحصول على نصيب من معاشات ورواتب فقراء الجنوب وليس هناك من سبيل الا الحل العفاشي السحري(اللجان).
طوال عام ونيف كان الناس، ولا زالوا، يذوقون الامرين للحصول على مرتباتهم ليغيثوا انفسهم واطفالهم بما يسد الرمق ولم نسمع صوتا لوزير او غيره من ضيوف الرياض، بل ان بعض المرضى وكبار السن لفظوا انفاسهم الاخيرة امام مكاتب البريد فيما رئيس الوزراء وبعض اركان الحكومة (يمارسون الرقص في حفلة زار) في قاعة مخفية في احد فنادق عدن.
مما تسفعني به الذاكرة هو اننا لم نسمع ان هناك وزيرا للكهرباء حين كانت عدن، كعاصمة، شبه غارقة في الظلام، لم نسمع بأخباره الا عندما اعلن عن قرض اماراتي لكهرباء عدن حين ظهر فجأة في معاشق في اجتماع يتيم تم عاد الى الاختفاء حتى اننا لم نسمع به في ازمة الكهرباء الاخيرة، ربما لان ما كان يحدث لا يستوجب ظهوره.
اغلب الظن ان حالة وزير الكهرباء هي تعبير عن حالة حكومية جاءت من نفس المدرسة فقد ظهر وزراء الحكومة ليتولوا صرف مرتبات تكرمت المملكة مشكورة بالتبرع بها لموظفي المناطق المحررة، وسيواجه (الغلابى) من العسكريين وغيرهم من التفنن في المماطلة والتعذيب وسنراهم يتجمعون امام سكن رؤساء واعضاء لجان صرف الرواتب وقد يلفظ بعضهم انفاسه خلال اللهث للحصول على راتبه كما يحدث امام مكاتب البريد.. سيعاني الناس كما عانوا في حكم عفاش وستبيع اللجان مسابحها وتذهب للحج مرة اخرى، على ان ما يدعو للغرابة ان المستهدفين باستبداد اللجان اياها قد اؤتمنوا هم وقادتهم من قبل الرئيس على الوطن وعلى ارواح الناس حين كان الجنوب ميدان حرب فيما نزلاء الرياض مخفيون، افلا يؤتمن هؤلاء القادة على صرف مرتبات رفاقهم في السلاح؟.
(ان لم تستح فاصنع ما شئت) حديث شريف
عدن