الفساد ليس فسادا ماليا فقط ولكنه يشمل كل مناحي الحياة، ومرده واحد وهو فساد الذمم، فهناك فساد سياسي وهناك فساد إعلامي، كالتلاعب بعواطف وعقول الناس، وغير ذلك من صور الفساد، وغني عن القول أن نظام علي صالح كان مدرسة في الفساد لدرجة أن أحد كبار مسؤولي إداراته العديدة قال: أن الذي لا يغتني في زمن علي صالح عمر أبوه ما يغتني، طبعا استسمحكم في عدم ذكر اسمه لأنه هذه الأيام يكتب عن ضرورة إصلاح الحال العام ليذكرك بالعاهرة التي تعطي دروس عن الشرف.
ما يميز عهد عفاش انه كان فساد له كنترول واحد، فلا يستطيع مسؤول أن يمارس فساده إلا إذا كان عفاش راضيا وقابلا للنسب بين أطراف الفساد، فلا تتم عقود المقاولات أو بيع النفط والغاز وغيرها مما يصعب حصره إلا بعلم وموافقة علي صالح ولا يجرؤ أي مسؤول أيا كان الخروج عن قواعد اللعبة فكل منهم عارف حجمه ودوره الذي يؤديه بأدب ويقبل بحقه الذي يحدده (الزعيم).
ميزة نظام عفاش انه كان محتكرا للالة الإعلامية التي تغطي النشاط الحكومي بما فيها المواقع الاليكترونية، فلا يملك أي مسؤول ذكر أي خبر عن نشاطه إلا إذا كان راضيا عنه عفاش أو ذكر فيه أن ما تم كان بتوجيه ورعاية الرئيس القائد حفظه الله، ويا ويله اذا لم يقل حفظه الله، بما في ذلك الجوقة التي حول الرئيس هادي في الرياض.
لكن هناك أم المزايا لحكم عفاش، فقد كانت ترتعد فرائص اكبر شنب حين يرن الهاتف وتظهر شاشته أن الاتصال من صالح أو من أحد معاونيه، لقد كانت هراوة صالح الرديف المكمل لفساده وفساد حكوماته المتعاقبة، وفي فترة حكمه لم يحاكم فاسدا قط واذا عوقب فاسد تم نقله إلى مركز تقل فيه فرص التكسب والفساد، ومن العبر التي تستحق التأمل أن من قاموا بالثورة عليه هم أولائك الذين صنعوا ثرواتهم ومددوا اذرعهم الاخطبوطية من فساد حكمه (حبل الباطل قصير وإن طال يخنق صاحبه).
حين تولى الرئيس هادي إدارة الدولة لم يكن يملك هراوة كهراوة عفاش ولم يكن في مقدوره أن يستغني عن كل أدوات عفاش الفاسدة المفسدة، وهكذا ذهبت الهراوة وبقي الفساد لكنه أصبح فسادا طليقا حرا، (وكل من أيده له) كما يقول إخوتنا في الشام.
انا ماليش دخل باليمنيين فهذه حالة مستفحلة وثقافة راسخة لا يصلحها إلا جبار السماء، فحتى الحروب ينشؤن لها تجارة، لكن يهمني الجنوب فلا نريد لثقافة الفساد أن تنتشر في مؤسساتنا، ونذكر سلطاتنا المحلية أن الحديث عن 200 ميجا كهرباء مقدمة من الأشقاء في الامارات لحل مشكلة الكهرباء في عدن، التي نشك أنكم تعيشون معاناتنا فيها، ثم يرسي الأمر على جلوس الوكيل عدنان الكاف مع قيادة كهرباء عدن ليقول لهم اصلحوا المولدات الكهربائية المعطلة وسنكافئكم اسمه ضحك عالذقون، فمولدات عدن لا تلبي حاجة عدن من الكهرباء والوضع لا يطاق.. عند الله وعندكم سيبوكم من تنابلة الرياض وتصرفوا كسلطة محلية بالتواصل مع عيال الشيخ زايد، رحمة الله تغشاه، فلا نريد أن يأتي اليوم الذي نبكي فيه على زمن (فساد أبو هراوة بعد أن شفنا الفساد مطلق العنان).