من مواليد عدن في 31 /8/1919، بدأ الكتابة في فتاة الجزيرة قبل الذهاب للدراسة في القاهرة و حصل على شهادة البكالوريوس في 1946، و استمر يكتب في فتاة الجزيرة حتى عام 1948، و بعدها اصدر صحيفة النهضة في 24 نوفمبر 1949 التي استمرت سنتان و كتبت مقالات نارية ضد الإنجليز و أعطى الفرصة للمفكر العدني عبد الله باذيب في مقارعة الإنجليز حتى اقفلتها السلطات البريطانية في 1951، و اعاد اصدارها في 1 يناير 1956.
كان السيد عبدالرحمن جرجرة يحب لحج حبًا عظيمًا ولا تفارق ذهنه معالم لحج واخضرارها في جلساته وأحاديثه، وكم كان يتألم من بعض التصرفات ضد المجتمع في لحج، وكان يعكس كل تلك السلبيات في صحيفته (النهضة) التي كانت تتداول في عدن ولحج، و قد كتب موضوعا يعلق فيه على كتاب و قصائد القمندان في 1939 " المصدر المفيد في غناء لحج الجديد"، و من القصص الجادة التي كادت تؤدي بحياة الاستاذ جرجره هي ان السلطان فضل عبدالكريم العبدلي (1946 - 1952) كان يقرأ صحيفة (النهضة) يوميا، و يتضايق كثيرا من الانتقادات التي توجه إليه لعدم قدرته على إدارة نظام الحكم في لحج بسبب صراعاته مع أبناء عمومته.
وكان يعرف أن سبب تلك الانتقادات هو عبدالرحمن جرجرة ... و اعتبر السلطان جرجره قلماً متعصبًا مع أولاد عمومته ضده لانهم كانوا لا يحبذون وصول السلطة إليه منذ أن كان وليًا للعهد.
قرر السلطان اغتيال الجرجرة فطلب من مدير أمنه و كان اسمه "محمود مندوق" ان يجد له شخصا قويا، و لكنه لا يفشي بالسر، و ستكون المكافأة كبيرة.
فوجد المندوق شخصية فكاهية لحجية اسمها "الطلي"، و هو لا يثير الشبهات بأنه قد يغتال أحد ... و احضره لمقابلة السلطان، و استغرب السلطان ان هذا الطلي قصير القامة، و بعمامته الوسخة على جبهته، و خنجره الذي لا يفارقه هو قادر على تأدية مهمة الاغتيال، و بلهجة جادة قال للسلطان "انا جاهز للمهمة".
سأله السلطان عدة اسئلة، و هو يضحك من شكل الطلي،و أخيرا قال له السلطان سأعطيك مسدسا لتنفيذ العملية، فرد الطلي عليه: انا لا اجيد السلاح و لكن اجيد الطعن بالخناجر ... فسأله السلطان آخر سؤال: كيف ستمرر خنجرا من نقطة التفتيش في (نمبر ستة)؟ وهي نقطة تفتيش تقع على حدود سلطنة لحج مع مستعمرة (دار سعد حاليا) فضحك (الطلي) وقال للسلطان: سأخبئ خنجري في قبوة كاذي، ولن يكتشفها حتى الجن.
اعطى السلطان الطلي (نصف المبلغ من الريالات الماريا تريزا) وقال له المبلغ المتبقي ستحصل عليه بعد تنفيذك للعملية. .. ونصحة السلطان في حالة نجاحة في تنفيذ هذه المهمة أن يتوجه إلى (ابين) بدلاً من لحج.. ولا يأتي بأي كلمة عن الاغتيال.
استلم (الطلي) المبلغ واشترى لزوجتة (الراشن) وما زاد عن الراشن اشترى لها قرط ذهب و شواليه .. ثم ودعها وقال لها انتبهي للعيال، وربنا فتح لنا رزقا سنظل نأكل منه حتى نموت.
ذهب الطلي (طبعا هذا ليس اسمه الحقيقي) إلى عدن وكان يمضي وقته بجانب من كانوا يبيعون الفل في عدن.. ومضى على ذلك شهراً بأكمله ولم يسمع السلطان عن الاغتيال.. وانتهى الشهر الثاني ولم يسمع بحادثة الاغتيال، في هذه الحالة طلب السلطان من مدير أمنه "المندوق" أن يأتي (بالطلي) إلى لحج، فقد صرف السلطان النظر عن اغتيال عبدالرحمن جرجرة وطلب منه ان يحضره في الحال فإن تأجيل الاغتيال شهرين قد يجعل مهمته مفضوحة.
ذهب (منذوق) إلى عدن وبحث عن (الطلي) فوجده يتناول القات مع افراد من لحج يبيعون الفل في عدن فنحاه جانباً وطلب منه عدم تنفيذ المهمة، فقد صرف السلطان النظر عنها. .. قفز (الطلي) من مكانه حانقاً و قال لمنذوق الليلة كان موعدي للاغتيال.. فقد عرفت بيت جرجرة واستأجرت (سلّم) كي اطلع منه إلى دار جرجرة وقد لمعَّت خنجري بحيث تكون شفرته حادة و لا يمكن لجرجرة حتى أن يصدر صوتا يستغيث به.
ولكن السلطان خلاص لم يعد في نيته اغتيال جرجرة، لقد سامحه وعفا عنه و واصل (منذوق حديثه للطلي) بصراحة ان السيد عبدالرحمن جرجرة زار لحج و وصل ضيفاً على السلطان و تفاهماً تفاهماً مشتركاً حول ما كان يهدد لحج من مصائب داخلية و خارجية، و اصبحا صديقين حميمين.
وتذكر السلطان فضل عبدالكريم ما قاله السيد عبدالرحمن جرجرة عندما كتب يعزيه بوفاة عمه الأمير احمد فضل القمندان بأبيات من الشعر وفلسفة أدبية قالها بهذه المناسبة.
عاد الطلي ومعه منذوق إلى السلطان حيث اعطاه المبلغ المتبقي له دون تنفيذ العملية، وقال له ان الله قد جنبنا جريمة ازهاق نفس بريئة. اذهب ولا تخبر احد بما جرى بيننا من تفاهم ضد السيد عبدالرحمن جرجرة.
و من أجمل مؤلفاته هو كتاب "ارضنا الطيبة .. هذا الجنوب" ، و عندما سأله احد الصحفيين لماذا الفت هذا الكتاب، رد عليه لقد قرأت كل المناهج الدراسية لعدن و الولايات الأخرى، و وجدت هذه المناهج تتحدث عن دول بعيده علينا مثل الاسكيمو و الكونغو، و لكنهم لا يعلمون شيئنا عن بلادهم الجنوب، فكان هذا الكتاب الذي يحكي بالتفصيل عن ولايات الجنوب العربي بالتفصيل.
و في مقدمة الكتاب اهدى كتابه الى رجالنا الابطال الذين يبذلون ارواحهم دفاعا عن الوطن ضد طمع الاجانب، و عبث الفاسدين.
و أهدى قيمة الكتاب لأطفال و ايتام الجيش الاتحادي.
رحمة الله عليك يا عبدالرحمن جرجره.
*- بقلم : عياش محمد علي – جريدة الأيام عدن