عندما طلب الطالب الشاب السعودي عبد الجليل الذي يدرس في امريكا ان يقوم بعمل تطوعي ، كُلف في ان يحرس ويراقب ويفتش القادمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد العنود في الدمام . وبينما وهو يقوم بعمله اذا غافله شخص وحاول المروق الى المسجد فنبه بذلك رجل الأمن الذي لم يكترث للامر فما كان من عبد الجليل الا ان منعه وتمسك به وما هي سوى لحظة حتى فجرالارهابي نفسه فأستشهد عبد الجليل في الحال وقتل عدد اربعة اشخاص ولولا ما قام به هذا الطالب الشاب من عمل بطولي لكان إنسل هذا الإرهابي الى المسجد وارتكب مجزرة مروعة .
وصل الخبر الفاجع والمزلزل والدته الصحفية والكاتبة - كوثرالأبرش- فتماسكت واحتسبت وصبرت ووطدت العزم ان تنذر نفسها وكتاباتها وأحاديثها لهدف واحد وهو وقف ثقافة الكراهية .
ما هي ثقافة الكراهية ؟ هي بعض ما نحمله من افكار ومشاعر كره وبُغض تتشبث بنا وتتجه اسهمها السامة نحوالاخر الذي نختلف معه ، نتيجة ثقافته او دينه او مذهبه او ربما لونه وجنسيته .هذه الكراهيات هي الاسافين التي تدق في مجتمعاتنا فتتدعوش او تتطلبن الناس وهي كراهياتنا المخيفة التي تمتد من الشام الى بغداد وليبيا بل على مساحة العالم الاسلامي من شرقه الى غربه .
ولقد راعني انه وعندما اكتب مقال عن التعايش ونبذ الكراهية اجد شخصاً يقول كيف لك ان تتوافق مع شخص يجلد ذاته يوم عاشورا بهذا الشكل المخيف بل ويتهم خلفاء أجلاء بل ويسبهم ؟ وهنا اشعر ان الشخص تربصت به الكراهية . فما قاله هو تعميم فليس كل شيعي يكره الخليفة عمر او عائشة كما انه لا يجدر بنا ان نكشف هذا لصغارنا فيحملون الغل والحقد مثلنا ونحملهم هموم غير همومهم وذنوب غير ذنوبهم بل ويجب ان نقترب مع من نختلف معهم ونتحاور وان نضع قواسم مشتركة في كيفية التعايش فلا نستطيع ان نعيش دون ان نتعايش .ومن الصعب ان نكون بلون واحد بل يجب ان نقبل ان نعيش بالوان شتى .
نعود الى الام والصحفية -كوثر الأبرش- تقول لقد نذرت نفسي لكي اخلّص ما استطعت الناس من ثقافة الكراهية ،وبدات ذلك بنفسي بان كتبت حول التسامح والتعايش بل انني وفي يوم عزاء ابني عبد الجليل ذهبت الى بيت أم قاتل ابني لاعزيها فهي كليمة حسيرة تعيش فاجعتها بفقدان ولدها وكل ذلك لبناء فكرة التعايش ونبذ الكراهيات .
وتقول جربوا ان تتسامحوا وان تغضوا وان تروضوا لنفس الأمّارة بالسوء . ولا تكرهوا واذا رايتم ذلك الشيعي في يوم عاشوراء يجلد ذاته فتأسّوا معه واحزنوا لحزنه إن استطعتم او على الأقل لا تحقروه وتزدروه، فذلك لعمري هو توطيدا للكراهيات التي اتت علينا وصدعت بنياننا وتعايشاتنا .
ان هدفنا واملنا وأمنياتنا هو ان نعيش في وطن متحاب متوادد يختلف فيه الناس ويحبون هذا الاختلاف ويعتبرونه مظهرا صحيا لا مرضيا .
الصورة المرفقة هي لأم الشهيد الصحفية والكاتبة السعودية كوثر الأبرش.