لقد سعى أوباما في قمة كامب ديفيد خلال الفترة من 12 إلى 14 مايو إلى حث قادة دول الخليج العربية لدعم الجهود التي ترعاها الأمم المتحدة على الصعيد اليمني ,كما تحدث إلى جانبه في المؤتمر الصحفي بختام القمة نيابة عن دول الخليج سمو الشيخ تميم آل ثاني أمير قطر مؤكدا على أهمية معالجة الأزمة اليمنية و قضايا الدول العربية المماثلة ، تلك القمة التي كان الهدف منها تطمين أمريكا لدول المجلس الخليجي الست أن لهم نفس المكانة المعهودة كحلفاء في ظل جهود استكمال الاتفاق النووي مع إيران بأواخر يونية ، و ما سيترتب على ذلك من سياسات ايرانية في المنطقة ,فإما أن تتجهة لتطبيع علاقاتها مع جيرانها أو التوسع في التنافس معهم و إدخال المنطقة في مزيد من الحروب بالوكالة بما فيها الحرب في اليمن و إعطاء هذه الحروب مزيدا من الصبغة الطائفية، و يبدو أن دول الخليج التي تمثل العمود الفقري للتحالف العربي في الحرب اليمنية لن تصغي بالكامل لحليفها أوباما , كما هو الحال في السابق لأن هناك إحباطات من سياسة أمريكا تجاه المنطقة كونها تسعى للانسحاب منها لتعزز تواجدها بالشرق الأقصى من آسيا، ويرى بعض المراقبين انه لم يترأس الوفود الخليجية المشاركة إلا أميران من دول المجلس الست و ذلك له دلالاته.
كما أن هذه القمة أتت و قد مضى على تأسيس مجلس التعاون حوالي ثلاثة عقود ونصف عقد من الزمن,اكتسب المجلس فيها مكانة اقتصادية و سياسية و أمنية على الصعيدين الإقليمي و الدولي .
و يجدر أن نشير أن من أبرز ما ورد في الوثيقتين الصادرتين عن قمة كامب ديفيد,الفقرة التي تطالب مجلس التعاون الخليجي (بالتشاور) مع الولايات المتحدة (عندما تخطط لعمل عسكري خارج حدودها ) و التي أشارت إلى(عاصفة الحزم)كسابقة ، ويرى بعض المحللين بأنها تحِد من تحرك دول المجلس ,بالمقابل يرى محللون آخرون أن هذا التفسير غير دقيق و أن التشاور مع الحليف الأمريكي ليس استذانا, وإنما هو إجراء معتاد بين الحلفاء ,كالذي حدث تجاة الحرب اليمنية , حيث إن الولايات المتحدة قدمت دعما لوجستيا و معلوماتيا للتحالف العربي ,و ما ورد في وثيقة كامب ديفيد يمثل اتفاقايؤسس لذلك مستقبلا.
و من كامب ديفيد إلى جنيف ,كانت للأزمة اليمنية محطة في مؤتمر الرياض للفترة من 17 إلى 19 مايو تحت شعار (إنقاذ اليمن و بناء الدولة الاتحادية )شاركت فية مكونات سياسية و منظمات مجتمع مدني و شخصيات للبحث في سبل للعودة إلى المسار السياسي للأزمة اليمنية , في حين أن الأمم المتحدة تسعى لإشراك الأطراف المختلفة في مباحثات تبقي الملف بين أيدي خبرائها، ذلك ما أعلنه السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد بالدعوة في كلمتة أمام المشاركين في مؤتمر الرياض بأهمية الذهاب إلى جنيف لإجراء المباحثات هناك لشهر مايو و التي تأجلت بطلب من الرئيس اليمني حينها ,و إن كان لقاء الرئيس و نائبه بممثل الأمم المتحدة في اول يونيو,بعد زيارت الأخير لصنعاء في 29 مايو قد أعطى الموافقة لانعقاد جنيف في الرابع عشر من يونيو ,و ذهب التفاؤل إلى حد إمكانية هدنة جديدة مع قدوم شهر رمضان المبارك و ذلك على أساس تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 فماذا تمخض عن جنيف ؟ و هل خذلت الأمم المتحدة الشعب اليمني خاصة بعد تجربة فريقها السابق المتعثرة و التي تتهم أنها من أوصلت اليمن لهذه الحالة؟ يرى بعض المحللين أن المبعوث الأممي تعجل انعقاد لقاء جنيف دون بلورة كافية لمعاييره وإلا فما معنى أن تهدر أيام جنيف برفض التشاور مع الطرف الآخر .
والجميع قدم إلى جنيف وهم يعلمون من الطرف الآخر بالتشاور، و لعل ذلك ما دفع ولد الشيخ إلى أن يعلن أن الأمم المتحدة لا تفضل أن تعود إلى جنيف و إنما تستعيض عن ذلك في جهودها القادمة من خلال الزيارات المكوكية للأطراف المعنية بالمنطقة ، و لعل الأمم المتحدة ستركز جهودها في الالتزامات تجاة القانون الإنساني الدولي و تعطي لليمنيين المجال على المسار السياسي و هي التي تؤكد دوما أن اليمنيين من ينبغي أن يتفقوا و ما دور المبعوث الأممي إلا لتيسير ذلك، مع تأكيدنا أن الأزمة اليمنية الراهنة تمثل اختبارا لمواقف الأطراف الدولية و الإقليمية باعتبار أنها تهدد السلم الإقليمي و الدولي بما في ذلك النشاطات الإرهابية .
* الشرق القطرية