لعل الحروب التي يشنّها الإنقلابيون الحوثيون وقوات الرئيس السابق علي صالح على مختلف مناطق اليمن، تسبّبت في فقدان عشرات الآلاف من السكان لأعمالهم، وجعلهم بحاجة للمساعدات الإنسانية، فيما عشرات الآلاف الذين نزحوا إلى الأرياف لا تستطيع المنظمات الإنسانية الوصول إليهم.
وأوقفت الشركات الكبرى أعمالها، ومنحت الموظفين فيها إجازة بدون راتب، على أمل أن تتوقف الحرب وتعود للعمل بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدتها منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء قبل نهاية سبتمبر الماضي، فيما أغلقت شركات المقاولات والمصانع أبوابها هي الأخرى، ووجد عشرات الآلاف من العمال أنفسهم في رصيف البطالة، قبل أن يفروا إلى الأرياف هرباً من الموت، وإنْ كان الجوع في انتظارهم.
صعوبة وصول
وتتوقّع المنظمات الإنسانية، أن تتجاوز أعداد النازحين في الداخل، جراء الحروب في لحج وصنعاء وعدن وتعز والضالع وأبين، عتبة نصف المليون شخص، لكن هذا العدد لا يشمل الفارين من المدن إلى قراهم الأصلية، خوفاً من القتال، وهؤلاء يشكّلون النسبة الأكبر من المتضرّرين، والذين يصعب الوصول إليهم بسهولة، وفق ما يؤكد لـ «البيان» مسؤول الإغاثة في المنظمة الدولية لرعاية الطفولة هشام الحكيمي.
ويوضح الحكيمي أنّ «المنظمات العاملة في الجانب الإنساني، بدأت فوراً في تقديم المساعدات للنازحين من الحرب، لا سيّما الأدوية ومتطلّبات الإيواء، ولكن هذا الجهد مقتصر على المناطق التي توجد بها مخيمات للنازحين، كما هو الحال في محافظة عمران، كما أنّ المنظمات تقدّم الأدوية للمستشفيات، وخصوصاً في مدينتي عدن وتعز، اللتين تشهدان حرب شوارع عنيفة.
أوضاع صعبة
ويقول عبد الله عبد الجليل، أحد العاملين بالأجر اليومي، الذي لا يزال يعيش على أمل أن تنتهي الحرب وتعود الحياة إلى طبيعتها: «أسكن في دكان بصنعاء، وعائلتي في القرية، لا أملك شيئاً يجعلني أسافر إلى هناك، قرّرت البقاء هنا حتى تنتهي الحرب وتعود الأعمال، الحياة حتى في القرية تحتاج إلى المال، ونحن نعيش في وضع صعب». ومع سريان الهدنة الإنسانية..
وبدء تدفّق المساعدات، لا تبدو الأمور تسير إلى انفراج يترك أثره الكبير في حياة اليمنيين، إذ إنّ حجم الدمار المريع الذي خلفته حروب الحوثيين في المنشآت وفي النفوس، تحتاج سنوات طويلة لمعالجة آثارها، كما أنّ غياب الحل السياسي، يجعل البلاد عرضة لقتال جديد، تتداخل فيه المعتقدات مع الحسابات السياسية الداخلية والخارجية.
تسريح
وبنبرة حزن وأسى، يتحدث عبد الرؤوف محمد، أحد الذين سرحوا من أعمالهم، عن مصير الآلاف من العاملين لدى شركة القطاع الخاص، والذين وجدوا أنفسهم في الشارع بدون أعمال، وغير قادرين على توفير متطلبات معيشة أسرهم، ويقول: «الناس لا تلتفت للكوارث التي سببتها هذه الحروب، كبرى الشركات أغلقت أبوابها، والمصانع أيضاً، والناس لا تجعل اليوم مصدراً للدخل..
وستتحوّل الطبقة الوسطى إلى لاجئين في بلدهم، يعيشون على المساعدات. ويضيف: «قطاع المقاولات الذي يستوعب عشرات الآلاف من الأيادي العملة، توقف، لأنّ معظم المشاريع الكبيرة كانت ممولة من الدول المانحة..
وبسبب مغامرة الحوثيين، توقف هذا التمويل، وهؤلاء العمال أصبحوا بلا مصدر للدخل، كيف سيعيشون وماذا يمكن فعله من أجلهم، لأنّ لا أحد يعرف بوضعهم، لأنهم غادروا إلى الأرياف، على أن أمل أن تنتهي الأزمة سريعاً».
* البيان