اختتمت تركيا احتفالاتها التي استمرت 10 أيام في الذكرى الـ741 لوفاة كبير المتصوفين في العالم الإسلامي، جلال الدين الرومي، المعروف بـ«مولانا»، والتي تنظمها تركيا في هذا التوقيت من كل عام.
وشارك كبار المسؤولين الأتراك في الاحتفالية، يتقدمهم رئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان، ورئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، في احتفالية «شب عروس»، وتعني «ليلة العرس» باللغة الفارسية.
وأشاد رئيس الحكومة التركية في كلمته بالقيم الأخلاقية الكبيرة التي احتوت عليها مؤلفات وآثار جلال الدين الرومي، ودورها في تهذيب النفوس ووضعها على الطريق السوي، بحسب قوله. وشدد على أهمية الرومي بالنسبة للأمة التركية، لافتا إلى أن مفاهيم فلسفة جلال الدين الرومي تعتبر بالنسبة لهم نموذجا يحتذون به في كل شؤون الدول لا سيما في السياسة الخارجية المبينة على التسامح والوقوف بجانب المظلومين في كل مكان. وقال إن «مولانا قد صور العدالة على أنها بمثابة ري لشجرة الفاكهة بالماء، أما الظلم فصوره على أنه ري لشجر الشوك الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، بالماء أيضا». وذكر أن «من يريدون تحقيق العدالة يجب أن يكون ظاهرهم مثل داخلهم».
واستغل إردوغان المناسبة للنيل من خصمه الداعية فتح الله غولن، وقال «لقد كان مولانا محقا حينما حذرنا من أناس يدّعون العلم بقوله: (هناك علماء لا يمكن أن ننساهم أو ننسى مؤلفاتهم مهما مضى على موتهم من قرون وأزمان غابرة، وهناك أُناس آخرون وضعوا على وجوههم قناع العلماء قد سقطت أقنعتهم، وظهرت حقيقتهم للجميع، وهم ما زالوا على قيد الحياة، ظهرت حقيقتهم هم ومن يعتمدون عليهم ويثقون بهم)».
وأشاد إردوغان بالعالم الصوفي جلال الدين الرومي، وغيره من العلماء الأتراك «الذين قدموا خدمات جليلة، وآثارا عظيمة، للأمة التركية على مر التاريخ». وقال «جلال الدين الرومي لا يزال حيا باقيا بيننا بما تركه من آثار خالدة، ما زالت ذكراه طيبة بيننا رغم مرور نحو سبعة قرون على رحيله». وأضاف «جلال الدين الرومي ليس مجرد إنسان خلف وراءه آثارا مكتوبة، وأفكارا لا تنطفئ، بل هو إنسان ترك آثارا ملؤها العشق والحب، ترك آثارا استلهمها من الحب.. لذلك نحن يمكننا أن نحافظ على أجواء المحبة والأخوة بيننا جميعا، إذا ما استلهمنا الحب من تلك الآثار».
وجلال الدين الرومي من المتصوفين البارزين في التاريخ الإسلامي، حيث أنشأ طريقة صوفية عرفت بالمولوية، وكتب كثيرا من الأشعار، وأسس للمذهب المثنوي في الشعر، وكتب مئات الآلاف من أبيات الشعر عن العشق والفلسفة.
ولد الرومي في مدينة بلخ بخراسان، في 30 سبتمبر (أيلول) 1207، ولقب بسلطان العارفين، وقد استقر في قونيا (مسقط رأس داود أوغلو) حتى وفاته في 17 ديسمبر (كانون الأول) 1273، بعد أن تنقل طالبا العلم في عدد من المدن أهمها دمشق. وتأثر جلال الدين الرومي بشمس الدين التبريزي، وتلقى العلم على يديه، كما أثر فيه الشاعر الفارسي فريد الدين العطار، الذي أهداه نسخة من ديوانه «أسرار نامة» والذي يعني «كتاب الأسرار»، كما تتلمذ فترة على يد المتصوف العربي الشهير محيي الدين بن عربي.
* الشرق الأوسط