رحم الله الشهيد خالد الجنيدي، وجعل مثواه الجنة، وقبلة على جبين كل شهيد لُف جثمانه بعلم الجنوب، وننحني احتراما لكل قطرة دم وحبة عرق سقطت في شوارعنا، ولأنين جرحانا وآهات المقهورين خلف الزنازين، ولكل معاناة جعلت للجنوب رائحة وطعما ولونا جديدا، وأعادت لشعبه كرامته.
إن الرصاصة التي اخترقت صدر الناشط والقيادي الجنوبي خالد الجنيدي، وزفت خبر استشهاده لم تكن رصاصة طائشة، فالجندي الذي ضغط على الزناد كان يدرك بأن أحدا لن يسأله، وببساطة هناك جهة أصدرت أمر تصفيته جسديا!.
إن هذه ليست المرة الأولى التي تطاردنا فيها أطقمهم في الشوارع، ويغتالنا رصاصهم بدم بارد، ويعلم كل جنوبي أيضا بأنها لن تكون الأخيرة، وأن ثمن الحرية باهظ، ولكننا نعتقد بأن كل من يسكن قلبه ضمير حي أو حتى ذرة مشاعر في الجنوب والشمال يستحيل أن يشعر بالسلام، أو يجد ما يبرر جريمة قتل مواطن أعزل في وضح النهار!.. وإن كان هناك من يتصور بأن الدعوة إلى العصيان جريمة تستحق الإعدام في الشارع العام، فإن كل شعب الجنوب يباركون العصيان بشكل أو بآخر، وعليه فهم يستحقون السحل حتى الموت!.
إنها سياستهم، فالذي لا يشتريه مالهم ولا ترهبه معتقلاتهم يصدرون أمرا بتصفيته!، إن إصرارهم على اغتيال (الجنيدي) بطريقة العصابات، وخارج سلطة القانون، وفي وضح النهار، وفي ظل حالة التصعيد التي يعيشها الجنوب، هو بمثابة استخفاف بإرادة شعب بكامله، وبداية لجولة جديدة من تصفية القيادات والشخصيات المؤثرة في الساحات الجنوبية، ونجزم بأن كل مواطن جنوبي شريف وصاحب مواقف ثابتة ولا يساوم على حرية وطنه وقراره من رأسه وليس لديه نقاط ضعف أو ملفات سوداء.. هذه النوعية من الرجال مصدر خطر على النظام، ولا شك أنهم يحملون القضية الجنوبية في كف وروحهم في الكف الآخرى، ولا يموت في الميدان غير رجل من ظهر رجل، ولن يصمد إلا الشجعان.
هم يريدون جنوبا بلا شعب، وفي أحسن الظروف يريدون شعبا ميتا ومواطنين فئة دمهم سالبة، ويؤمنون بثقافة القطيع، ويعيشون تحت بند سبعة سبعة، والأمر المؤسف والمحزن أنه بعد كل هذه الغطرسة والقتل والظلم والبطش والقمع إذا كتبنا أن الجنوب محتل يحذف بعضهم الكلمة من السطر، وإن قلنا نريد استعادة دولتنا يبهررون في وجوهنا، وإن لم يعدموك فقد تجد نفسك وحيدا في زنزانة، وإن رحموك يحاربوك برزق أطفالك!.. وحتى وهم يرون بأم أعينهم الجنوب يحتشد عن بكرة أبيه في ساحاته، ويرفع شعبه علمه في شوارعه ومرافقه ومدارسه، ويردد تلاميذه وأطفاله نشيده كل صباح، يصرون بأننا شعب (وحدوي) بالفطرة!.. العالم كله اعترف بأن الوحدة أصبحت كابوسا، ولكن كثيرا من (الخبرة) مازالوا يعتقدون بأنها حلم جميل، ووحي منزل من السماء!.
إذا غابت العدالة تسقط أقنعة السياسة وتكشف وجوه أصحابها القبيحة، ويصبح الأشخاص سلطة، والعربدة قانونا، وتحاكمنا شريعة الشيطان، وعندها يصبح قتلنا عادة يومية وإعدامنا في الشوارع أمرا يسهل تبريره!.