لم يكن بالأمر اليسير على الجنوبيين ومنذ أن انطلقت ثورتهم في عام 2007م أن يصلوا إلى نهاية المطاف بسرعة البرق أو حتى " سرعة النت في اليمن "، فكان لا بد لهم من الصبر والثبات حتى تحقيق كامل أهدافهم التي بات الجميع يدرك حقيقتها وعدالتها خاصة بعد سيطرت الحوثيين على لعبة الشطرنج في صنعاء وقضائهم على الحصان الذي كان يسرح ويمرح في ربوع البلاد .
لم يكن أمام إخواننا الخليجيين والعرب والمسلمين في ظل الصراعات التي تدور في الشمال خيار سوى دعم قضية الجنوب التي كانت في ما مضى صمام أمان لهم من المخدرات والقات والمليشيات المسلحة والمفرغة من السلاح .
فالكثيرون من الجوار والأشقاء والأصدقاء أصبحوا على اعتقاد جازم بأن الحل المناسب لما تشهده اليمن من أحداث متسارعة على ساحتها وفي زواياها المضطربة منذ نشأت الوحدة عام 1990م ينبغي أن يبدأ بإعطاء الجنوبيين حقهم في تقرير المصير كخطوة أولية نحو تهدئة الشارع الجنوبي الذي ظل ساخن منذ عام 2007م وحتى يومنا هذا بل ويزداد سخونة يوماً بعد يوم بسبب تقلبات الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد .
ما ذهب إليه الخليجيون في الآونة الأخيرة من تحركات دبلوماسية في إتجاه استقلال الجنوب ينبع من إدراكهم الكبير لما تقتضيه المصلحة العليا لأوطانهم والتي باتت مهددة من قبل الحوثيين الذين يسابقون الوقت للاستيلاء على مضيق باب المندب والبحر العربي قبل تحقيق الاستقلال للجنوبيين .
فاستقلال الجنوب اليوم لم يعد مطلباً جنوبياً بل أضحى مطلباً إقليمياً ودولياً لما للجنوب من مكانة استراتيجية مهمة لأمتلاكها خليج عدن وثروات نفطية ومعدنية هائلة في حضرموت وشبوة إضافة إلى جغرافيتها التي تجعل منها بلداً يحظى باحترام الجميع وتقديره .
بيد أن مع هذا كله يبقى هناك أمراً لا بد منه وهو خاص بالجنوبيين يبدأ من إيضاح رؤيتهم ونهجهم للعالم حتى يثق فيهم ، والبحث عن آلية مناسبة يستطيعون من خلالها التفاهم مع الدول والحكومات التي تفضل عادة وجود ممثلين حقيقيين وشرعيين لأي قضية حتى يمكنها من خلالهم أن تضمن مصالحها وتطمئن على حياتها الاقتصادية والسياسية مستقبلاً مع الجنوب .
فهذه المرحلة هي مرحلة جوهرية ذهبية لن تتعوض وعلى الجنوبيين أن يعملوا على تشكيل قيادة حقيقية منطلقة من أهداف الشعب المرابط في الساحات لكي توفر الفرصة للدول لدعم شعب الجنوب في استقلاله ونيل حريته التي باتت قاب قوسين أو أدنى .