**الإهداء: إلى أحمد العبادي المرقشي.. أحد أشرف من أنجبتهم أرض الجنوب.
بتشكيل مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي، وما لحقه من إعلان اندماج مجلسي الحراك والثورة الجنوبية، راودنا الأمل بأن يفتح الجنوب صفحة بياض، وتمنينا بألا تجرح (إرهاصات) نضالكم مشاعرنا.. إذا صدقت النوايا كانت هذه المواقف ستحفظ لكم ما تبقى من ماء وجوهكم، فالشعب لن يغفر لكم تخاذلكم هذه المرة، وستطاردكم لعنته إلى قبوركم!.
الحقيقة التي لا يستطيع أن ينكرها أحد هي أن ولادة مجلس الإنقاذ، وكذلك قرار اندماج المجلسين الحراكيين لم يكن سببهما عذاب ضمير القيادات، ويعلم الجميع أن هذه الخطوات المتسارعة التي اتخذتها المكونات لتوحيد صفوفها، والتي كنا ننتظرها لأكثر من سبع سنوات جاءت نتيجة ضغط الشارع وساحات الاعتصام، وذعرهم من أن يسحب البساط من تحت أقدامهم، أكثر من كونها نابعة عن قناعة شخصية، وطهارة ثورية، ومع هذا افترضنا حسن الظن، باركناها على عللها الكثيرة.
الصورة في ساحة العروض جميلة، وملحمة أخرى يجسدها شعب الجنوب، واعتقدنا بأنهم تعلموا من التجربة، وأن خيام المعتصمين ستكبح جماح طيشهم، ولم نتوقع أن نتجرع من نفس كأسهم المر بهذه السرعة!. إن قرار الإطاحة بحسن باعوم، وإصرارهم على إجهاض مشروع دمج المجلسين طعنة في ظهر الجنوب، وأظن أيضا أن القرار بمثابة مسمار آخر في نعش الزعامات!. إن هذا (العبط) الثوري الذي أخرج لسانه ساخرا بإرادة الشعب يصعب إيجاد حجة تبرره، وكان باستطاعتهم تفاديه بشيء من الحكمة، ودون حشر الجنوب وشعبه في دائرة صراعاتهم، وبعيدا عن نظرية المؤامرة ووسواسهم القهري.
شخصيا قد لا يعنيني إن عبدوا (باعوم) أو أزاحوه، ولكنني أرفض بشدة أن تعبث نزوات فتات من البشر بمصير أكثر من خمسة ملايين مواطن جنوبي!. فإن لم تستحوا من زعيمكم، ولم يشفع له تاريخه النضالي الطويل وسط صفوفكم، ولم تغفروا له برغم أنكم مشاركون بنفس الخطيئة، وفي لحظة (هوس) خونتموه، وانقلبتم عليه، وعجزتم عن أن تصمدوا يوما واحدا من أجلنا، ولم تستطيعوا مقاومة إدمانكم على المنابر ونشوة الكراسي، فكيف يمكن لأمثالكم صناعة جنوب جديد؟!. كان أشرف لكم أن تستحوا من بحر الحشود التي زحفت إلى (عدن) من كل شبر من تراب الجنوب، وتردوا الجميل لساحاته.
شعب الجنوب الذي رفع رأسه حين كان الجميع يسجدون للأصنام، وانتفض على نظام (صالح) في عز مجده، ولم يكسر إرادته إرهاب مليشيات حزب (حميد).. هذا الشعب العظيم لا ينتظر فرصة أو وعد (حوثي) لكي يستعيد دولته، ولا يحتاج إلى استفتاء لتقرير مصيره، بقدر حاجته إلى قيادة شجاعة وعقول متفتحة ومتحررة من لعنة الوصاية وشهوة الزعامة!..يريد أصابع تحترق في سبيل أحلامه، لا صراعات تحرق قضيته وخيامه!.
إن قرار مصيرنا اليوم في الساحة وليس في (القاعة) أو في حضن حقيبة وزارية، فانبذوا مخاوفكم وأطماعكم، واخرجوا بمجالسكم من غرفكم المغلقة، وسيروا نحو ساحات الاعتصام بخطوات واثقة وناصروها، وانتصروا لشعبكم في هذه المرحلة الخطيرة والحساسة، فالوقت إلى يوم (الاستقلال)لا يسمح بـ(النحنحة) والتململ، وهذه نصيحة لوجة الله تعالى، ولأجل الجنوب الحبيب، قبل أن تلفظكم الجماهير إلى مزبلة التاريخ!.
إننا نقف على مسافة واحدة من جميع المكونات والشخصيات الجنوبية، وسيان عندنا إن استعدنا وطننا بعكاز المناضل (باعوم) أو بعمامة السلطان (العبدلي) أو برأي السيد (الجفري)، فالمهم أن نستعيده!.. ولكن إن كنتم لا تملكون لنا غيرالجعجعة فإن عليكم أن تتزحزحوا عن طريقنا وترحمونا من مجالسكم الملوثة، وتتركوا الجنوب يتنفس في مناخ نظيف.
* الأيام