عامٌ هجريٌ جديد

2014-10-28 00:00

 

عام هجري جديد.. تهاجر فيه أعمارنا, على متن رحلة الحياة, إلى مدائن و عوالم أقدارنا , مدائن جديدة وعوالم مجهولة, لم يطأها إنس قبلنا ولا جان, نستكشفها نحن ونسبر أغوارها بأنفسنا , بكل ما فيها من خير أو شر أو غير ذلك ......

 

عام هجري جديد, يحدونا فيه أملٌ و طموح كبيران , إلى تحقيق ما نصبو إليه من تطلعات و أشواق على ساحة الحياة العامة أو الخاصة, عام هجري جديد.. تطل من شرفاته كل أحلامنا باسمات مشرقات.. ولكن الأحلام لا تهرول إلينا, ولا تتحقق المطالب بالتمني ..

 

عام هجري جديد .. نخضعه لتفتيش الجهاز المركزي, ونفتح فيه سجلات الوارد و المنصرف .. ونقوم فيه بعملية جرد لما عملنا وما لم نعمل .. تقييم وتقويم لما مضى وفات, وتخطيط لما هو قادم و آت ..

 

عام هجري جديد..  علمتنا فيه الحياة, أنها تمضي ولا تلوي على شيء.. تمضي - رغم بطئها - سريعة جدا.. و ما السنون فيها إلا محطات تمضي محملة بالأمنيات, و تنتهي على رصيف الذكريات, و بينهما الكثير من النجاحات  و الإخفاقات, والأحزان والمسرات.. ثم نبدأ رحلة جديدة من محطة جديدة, ومع كل رحلة – شئنا ذلك أم أبينا –  تمضي أعمارنا ... تتقطّر ثانية ثانية, و شهقةً شهقة أو زفرة زفرة .. وقد قال شوقي في ذلك :

دقات قلب المرء قائلةٌ له        إن الحياة دقائقٌ وثواني

فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها  فالذكر للإنسان عمرٌ ثاني

 

عام هجري جديد.. وبين عام مضى وعام أتى, تتزاحم الحياة ,وتنبت الأحلام , وتشرئب الأمنيات متطلعة إلى النور و الهواء .. بين عامين : ماضٍ و آت تمضي الروزنامة ترسم خطواتنا في رحلة الحياة , ومضمار الآمال و الآجال..

عام هجري جديد.. سترقص أوراقه على عزف منفرد على نبض القلوب, و ستتناثر ذات اليمين وذات الشمال, ليعلن في آخر ورقة لنا فيه, تاريخ انتهاء صلاحيتنا للحياة , وموعد رحلتنا الأخيرة .. رحلة اللاعودة للحياة الفانية, رحلة سريعة مسارها : البيت .. المسجد .. المقبرة ...ثم يُهال عليك التراب , لتبدأ رحلة جديدة في حياتك الثالثة, أو ما قبل الأخيرة..

عام هجري جديد .. أتمنى فيه : أن ينعم الجميع بدوام الصحة وكمال العافية وطول العمر في طاعة الله, وأن يرفل بلدنا و سائر بلاد المسلمين بالأمن و التقدم و الازدهار..

 

و كل عام و أنتم في ألف خير ...