(وإذا..... فاعدلوا)

2014-09-15 12:02

 

ما فكرت في شيء أو أبصرت, إلا والعدل عماده في القول والفعل, في الأكل والشرب, في المشي والإنفاق والعبادة... فالعدل داخل جسم الإنسان يحقق له الصحة والسعادة والهناء, والعدل داخل جسم المجتمع, يحقق له الأمن والاستقرار والهناء أيضا.

 

فهل نحقق العدل في حيواتنا, أو أن الأمر ظاهرة كلامية لا تتعدى الشفتين, ونظرية لم تُروّض للتطبيق بعد, أو أنه يختلف من شخص إلى آخر, ومن أمر إلى أمر آخر؟ هل نعدل في التعاطي مع قضايا المجتمع المختلفة, أو ذلك محكوم بالأهواء وبالأمزجة, بالمصلحة والمنفعة, بالجهوية والقبلية والحزبية الضيقة؟؟

 

فكثير من الصحفيين أو الشحادين المتسولين قد أساؤوا إلى شرف المهنة, وطبيعتها الوعرة.. فيميزون بين فساد وفساد, أو يتقاضون أجوراً على لقاءاتهم ومرافعاتهم الصحفية, فكلما فاحت رائحة فساد, وانتشر دخانه حاولوا إخمادها مدافعين منافحين, ليتوجهوا في اليوم التالي متأبطين الصحيفة لاستلام الأتعاب.

 

وهذه القنوات التي غُرزت في الفضاء وانتسبت إليه, تعرض عن قضايا وتدير لها ظهرها, وتقبل على أخرى بحماس بالغ, تخمد مناطق ساخنة ملتهبة, وتشعل أخرى باردة وخامدة, ومثلما تتحكم فيها (أنت) بالريموت, يتحكمون فيها (هم) ويديرونها بالريموت..

 

وحين يفقد الشاعر العدل يفقد العقل, وتشطح قريحته, ويغلو فكره.. ( علي ومن مثله سما في علاه) , ( يا بشير الخير )... قد يجد له رجال الإنقاذ أو النقاد منفذاً يخرجونه منه, ولكن هل ضاقت اللغة بما رحبت, وعجزت المفردات على ازدحامها..

 

ومنابر المسلمين –بعضها- يعدل خطباؤها عن العدل جمعة وعيداً وكسوفاً... وتهاجم بوحشية وشراسة الأفراد والجماعات, الأحياء منهم والأموات, أو يوغر صدور المسلمين في خطبتي جمعة مباركة.. محللاً و ناقداً أغنية عبّود السقاف ( و الله ورب الكون ما نركع حتى تعودي ياعدن دولة )

 

والأدهى من ذلك, أن يتجرأ بعضهم على الفتيا, فيحرر صكوك الكفر والإيمان مختّمة موثقة, فيهب الكفر من يشاء, والإيمان من يشاء, ويمنح الشهادة من يشاء, ويحيل قتلى آخرين على النار.. فما أجرأكم على الفتوى!!

 

والعدل أياً كان, معناه: ( الإنصاف أو الاستقامة في الأمر, أو القصد والاعتدال في الأمور, أو التوسط بين نقيضين متطرفين.......) فهو مطلوب.. والعدل مثلما الرفق يزين الأشياء إن وضع فيها, وإن نزع يشينها, ويورثها الخلل والفساد.

 

فالطفل يعدل مع أقرانه في المدرسة وفي الملعب, والرجل في أسرته, والتاجر في دكانه, والمدير في إدارته, العدل عند الذبح وعند القتل.. العدل من سدة الدار إلى سدة الحكم.. فنحن أمة وسطا, وخير الأمور أوساطها..

وإن كان أكابر القوم لم تدخل في دين الله بالقرآن وحده, بل بخلق محمد الصادق الأمين - صلى الله عليه وسلم – أيضاً, وإن الإسلام لم ينداح ويتسع انطلاقاً من مركز المعمورة كلها ( مكة ), إلا  محمولاً على أخلاق صحابته الكرام..

 

فالأخلاق الأخلاق, والعدل العدل.. واعلموا أن الفعل أبلغ من القول في التأثير والإقناع, أو العكس من ذلك.... فهل بلغت؟؟