لا تئدوا الأطفال

2014-08-24 08:49

 

تحرص الأمم والحضارات على أن يكون بناؤها  متيناً قوياً متماسكاً؛ كي تضمن بقاءها واستمرارها, وإلا فهي زائلة لا محالة, مهما طال بها الأمد..

 

فمن مظاهر زوال الأمم وانهيار الحضارات, استفحال ظاهرة الفساد.. فأينما تولي وجهك فثم فساد, يلتهم مفاصل المجتمع كله وقوائمه.. كالأرضة تأكل كل شيء, الأخضر واليابس.. وما استفشى في أمة إلا أخذ بناصيتها وأرداها المهالك و الفناء, قال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً }الإسراء16

ومن تلك المظاهر أيضاً ..انحلال الأخلاق, واستيراد ثقافات دخيلة غريبة على مجتمعنا, ثقافة القتل وثقافة السطو  وثقافة الاختطاف.. كلها تخالف الأديان والأخلاق والأعراف والطبيعة البشرية.. فمتى كانت يوما من ممارسات مجتمعنا المسالم الوديع؟؟! ومتى كنا نحل مشاكلنا, أو نصفي حساباتنا, أو ننتقم من غرمائنا... بهذا الذي يحدث بيننا الآن؟؟ كل هذا ينبئ عن انحسارنا وانحسار أخلاقنا, التي كانت ذات يوم علامة مميزة لنا أو قل ماركة مسجلة..قال الشاعر:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ** فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

 

ما ذنب الطفل البطاطي في حضرموت؟؟ وما ذنب الطفلة بامطرف في عدن؟؟؟ وغيرهما من الأطفال.. أفقدنا الضمائر أم تهنا عن الأخلاق؟؟ ما ذنبهم؟ ماذا جنوا, حتى يتم خطف طفولتهم ووأد براءتهم, بسبب خلافات أسرية أو قضية مالية أو عقارية أو غير ذلك....؟؟؟

 

الخطف أشد من القتل؛ لأن ذلك سوف يحفظ في ذاكرته تجربة قاسية, تسبب للطفل آثاراً نفسية سيئة لا يعلم نتائجها ومآلاتها وانعكاساتها على حياته  المستقبلية إلا الله..

 

إن من يفعل مثل تلك الجرائم البشعة, جرائم الاختطاف – خاصة – هم لا يعرفون معنى الأبوة ولا معنى الشفقة والرحمة؛ لأنه لو عرف أن له ابناً سيُفعل به مثل ذلك, لما فعل فعلته تلك أو أمر أتباعه بفعلها..

 

 و هم يبتعدون كثيراً عن صفات البشر, و عن صفات الحيوان أيضاً؛ فالحيوان في أدغال أفريقيا وغاباتها لا يأكل حيواناً من بني جنسه ولا يخطف حيواناً آخر..

 

لقد صرنا اليوم نفعل أسوأ مما يفعل الجاهليون, فإن كانوا يئدون البنات وحدهن, فنحن اليوم نئد الأطفال كلهم ونئد براءتهم, وننسج لهم مستقبلاً مشوها , مخيفا و مرعبا..

 

هلا اتقينا الله في أطفالنا, وأبعدناهم عن ملاعب الكبار و ما يفعلونه فيما بينهم.. دعوا الطفولة تنعم ببراءتها, وتهنأ بحياتها؛ كي ننعم نحن بمستقبل مشرق و واعد..

 

وعلى الجهات المسؤولة ذات العلاقة, تحمل مسؤولياتها اتخاذ الإجراءات السريعة العاجلة إعادة الطفل البطاطي, وإنزال العقوبة الرادعة بمن يفعل ذلك.. وإلا فسنظل في غيابة الجب وغياهب ظلماته, نغوص كل يوم فيه متراً, إلى أن نجد أنفسنا خارج نطاق الإنسانية, وخارج نطاق الحيوانية أيضا..