احتفلت إذاعة عدن الأسبوع الماضي بعيدها الستون وهي تعيش ظروف صعبة من حيث الإمكانات المادية والمعنوية وتهميش كوادرها الذين اذا أتيحت لهم الفرص ابلوا بلاءا حسن في غمار الإبداع الإذاعي والإعلامي ..
إن إذاعة عدن رغم تاريخها الطويل وباعها الكبير في العمل الإذاعي على مستوى الجزيرة والخليج والمنطقة العربية بشكل عام إلا إن ذلك لم يشفع لها بأن ينظر إلى وضعها وتحسين مستواه بل تم محاربتها بشكل علني وصريح من قبل المتنفذين في صنعاء وخاصة بعد حرب صيف 1994 م وأصبحت شبه مشلولة لان محطات إرسالها الإذاعي الأربع التي كانت تطل عبرها على العالم قد تم تدميرها وما تبقى من إسعاف الإرسال الإذاعي كانت تستحوذ عليه إذاعة صنعاء ولم يتبقى لها إلا محطة ألاف أم وإرسالها لا يصل إلى الشيخ عثمان وأحيان اتتداخل فيها إذاعة لحج وبالنسبة للاستوديوهات وأجهزتها فحدث ولا حرج فلازالت بفضل الله وكوادر إذاعة عدن تسير بالنظام القديم ولم يتم التحديث بالأجهزة الرقمية إلا بشكل طفيف مرتبطة بنظام الانالوج القديم وكل ما تبقى من أجهزة قديمة كانت أنامل المهندسين في إذاعة عدن لهم فضل في استمرار تشغيلها ..
وكانت إذاعة عدن لها صولات وجولات في إيصال التراث الفني الأصيل بكل ألوانه الصنعاني واليافعي واللحجي والابيني والتعزي والتهامي والحضرمي والعدني إلى المستمعين بالداخل والخارج وكان لها مكتبة إذاعية غنية بهذا التراث نهب أغلبه .. فإذاعة عدن هي روح التراث الفني ولازالت ..
ورغم ظروف إذاعة عدن الصعبة إلا أنها أثبتت ذاتها عندما أتيح لكوادره الفرصة للمشاركة في المهرجانات العربية فحصدت جائزتين ذهبيتين ،
فكانت الجائز الذهبية الأولى التي حصدتها هذه الإذاعة الابية عن طريق برنامج ( نحن والبيئة ) في مهرجان الخليج للإذاعة التلفزيون الثاني عشر في البحرين في ال 15 من فبراير 2010 م من إعداد / علي سلام فارع الدياني وتقديم المذيعة نبيلة حمود الله يرحمها وإخراج سعيد شمسان ..
أما الجائزة الثانية التي حصدتها إذاعة عدن فكانت للعمل الدرامي ( الإرهاب ) في مهرجان الخليج للاذاعة والتلفزيون الثالث عشر بالبحرين في ال 28 من مارس 2014 م من إعداد / علي سالم باثعلب وتمثيل مجموعة من الممثلين المبدعين وإخراج احمد عبدالله بازرعة ..
إن تلك الجوائز هي ثمرت لتاريخ طويل من العطاء والإبداع بدأه الرواد الأوائل المؤسسين لإذاعة عدن منهم الأديب و الشاعر الكبير لطفي جعفر أمان والشيخ عبدالله حاتم والأديب و الشاعر الكبير محمد سعيد جرادة وغيرهم من عمالقة العمل الأدبي والإعلامي مرورا بعمالقة العمل الإعلامي والإذاعي في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي في مقدمتهم الاستاذ الإعلامي علوي السقاف الله يرحمه والشهيد الإعلامي المذيع المبدع جمال الدين الخطيب رحمة الله عليه والأستاذ المذيع المبدع جميل مهدي والأستاذ المذيع عبد القادر سعيد هادي والصحفي الأستاذ جميل محمد احمد والأستاذ الصحفي احمد فدعق والأستاذ الصحفي والمعد المخضرم محمد عبدالله عمر وغيرهم كثيرين لم تحضرني الذاكرة لذكرهم وكان هولاء هم أساتذة لجيل من الإعلاميين المبدعين في إذاعة وتلفزيون عدن في المراحل اللاحقة .. فهذه إذاعة عدن تدعو اليوم كل شريف ومحب للتاريخ والتراث أن يقف معها في محنتها لتعود على ما كانت عليه من التألق والإبداع ولتؤدي دورها على أكمل وجه ولا نقلل من عملها الحالي ولكن بجهود ذاتية وظروف عمل صعبة ..
* علي الدياني - اعلامي