الحاجب / يحي غالب

2014-05-27 14:07

 

حيث تكون الحرية يكون الوطن .. بنجامين فرانكلين

 

الحاجب لقب لمنصب استخدم قديما في السياسة العربية والإسلامية والحجابة في اللغة هي المنع والحجب .. وهو شخص من صلاحياته حجب الناس عن السلطان حتى ولو كانوا وزراء أو أمراء... نشأت وظيفة الحاجب في عهد الخلفاء بدأ بدور بسيط أسند اليه أشبه بالبواب واستمرت في العهود اللاحقة تزداد أهمية حتى أصبحت وظيفة الحاجب هي حجب الناس والأصوات والرأي عن السلطان ..

 

تقلد هذه الوظيفة كثير من المشاهير ولعل ابرزهم المنصور بن أبي عامر الذي مارس السياسة في وظيفته حتى أصبح المتحكم بالدولة دون علم الخليفة فانتهى إلى الحجر على الخليفة الأموي المؤيد الثاني وسيطر حتى على أم الخليفة (صبح) .

 

والظريف ان المنصور احتفظ بلقب الحاجب في دولته على انقاض الدولة الأموية في الاندلس وخلفه ابناؤه بذات اللقب إلى أن سقطت الدولة العامرية سنة 399هـ .

 

وظيفة الحاجب لم تنقرض وهي موجودة وتمارس بشتى أدوارها في عصرنا الحديث تحت مسميات عدة منها "رئيس مكتب الرئيس"  أو رئيس الرئيس في بعض الحالات المتطرفة ..

 

والشرعي حقنا ياجماعة ليس استثناء في التاريخ , لديه حاجب "يحيى" في ظلال الرئيس "غالب" .. يمارس دوره كغيره ممن سبقوه في هذه الوظيفة يمنع ويحجب ويفصل بين واقع الأرض البائس ومشاريع المكتب العصبوية حتى باتت رعية الخليفة تائهة في اللحاق بحقيقة ثورة تراها في الحشود رأي العين لكنها عاجزة عن التغيير بها واقع بائس يدفع به الاحتلال من جهة و من وراء "الحاجب" وعصبته من جهة أخرى لدفن زخم وحماس الشعب وثورته تحت انقاض الماضي واختلال الحاضر .

 

ما سبق من اشارات ليست الحقيقة كاملة وإنما مفتاح من مفاتيح عدة لملف يعطل خلاصنا لا ادعي معرفة كل ما فيه من صراعات .. لكني على يقين أن كثيراً من ابناء الجنوب مثلي لا يعرفون بدورهم ما يدور .. ولكنهم يتسائلون ! والمفاتيح تكفي حتى يفتحوا الأبواب بأنفسهم لاكتشاف الحقيقة فلا يبقى عذراً لمن ادرك الحقيقة وتخلى عنها .. وفي محور حديثنا فسواء كان "الحاجب" هنا  فاعل او مجرد ستار فلا أبلغ من رسالة لأوراق ذلك الملف بمختلف قياساتها أن ما يبقي ثورتنا على قيد الحياة ايمان الانسان بقضيته لا "عصبة بيروت" ولا أي ممن يدعون ذلك .

 

ومن منطلق المسئولية تجاه الوطن ندعو الثوار والقيادات الميدانية والسياسية "جميعاً" لنقد الذات وتشذيب حدائقهم الخلفية من ما علق بها من ارهاصات المحتل وأطماع ذاتية وخلافات .. وان نتنازل لإرادة الاستقلال عن ما يوهنها ويسعد الاحتلال فيسوء كل مخلص مؤمن بحقه في وطن يكون له مأوى وعنوان على هذا الكوكب قبل ان يهلك ونهلك .

 

أيها السادة ..

اننا في توقيت مفصلي من تاريخ ثورتنا .. نبتهل الى الله ان يهدي الجميع ويوفقهم في الخروج من هذا المنعطف بصورة تختلف عن سيناريو 1967م الذي أدار المرحلة تلك بكثير من القهر والإقصاء لم ينتج سوى الخلافات والعنف الذي توجته جرعة 86 التي كان يتوجب ان تكون لقاح مناعي يحول دون العودة الى ذات الطريقة التي أديرت بها التباينات .. ثم سقوط الوطن بيد المحتل ..

 

ان الخوف من المستقبل الذي يقض مضاجع المؤمنين بحقهم في وطن كسائر الشعوب يدفعهم للوقوف حائلاً أمام المغامرات والمقامرات التي طالما شكلت في تاريخنا صفحات ظلماء يخشون اعادة انتاجها ..