و هكذا أضيئت بكين !!

 

قد لا تدرون كيف أضيئت بكين ؟؟ لكنني أدري ,حين قرأت حكاية قديمة ,  و أنا على يقين تام أنها حدثت و مازالت تحدث كل يوم ..

فقد حدث في قديم الزمان , أن ذهب  إمبراطور الصين إلى أوربا في رحلة استطلاعية , فلفت نظره بوجه خاص , أن عواصمها تُضاء ليلاً حتى الصباح , وأعجب بذلك أيما إعجاب .. ووطد العزم على أن يُدخل هذه الناحية الجميلة من نواحي الإصلاح في بلاده .. و لما قفل راجعاً إلى بلاده , كان أول ما عمله , أن استدعى رئيس وزرائه , وقال له : ( اسمع , إنني أود أن تضاء بكين ليلاً . فخذ هذا مليون دولار , أنفقه على المشروع , وابدأ بالعمل حالاً).

 

و انصرف رئيس الوزراء يحمل المال إلى مكتبه , واستدعى وزير الداخلية وقال له : ( لقد أمر مولانا الإمبراطور أن تضاء بكين بالمصابيح ليلاً , وقد قدم جلالته نصف مليون دولار للإنفاق على المشروع ) و سلمه نصف المليون ..

 

وذهب الوزير بالمال ,وطلب وكيل وزارته.. فلما أتاه ,قال له: (إن الإمبراطور يأمر أن تضاء بكين ليلاً.. و قد خصص للمشروع ربع مليون

دولار...) ودفع لوكيل وزارته ربع مليون دولار.

 

وذهب هذا إلى مكتبه, واستدعى محافظ العاصمة, وقال له: ( إن مولانا الإمبراطور يريد أن تضاء بكين بالمصابيح ليلاًو وقد رصد جلالته مئة وخمسة وعشرين ألف دولار؛للإنفاق على مشروع الإضاءة. فتفضل ,هذا هو المبلغ , وعليك أن تنفذ المشروع بسرعة ).

 

وأصدر المحافظ أوامره بأن يجتمع به كل المختارين ( عقال الحارات ) في المدينة .. فلما مثلوا بين يديه, أخبرهم بأمر الإمبراطور . وقال أنه خصّص لهذا المشروع ستين ألف دولار , ستوزع بينهم لتنفيذ الأمر المطاع .. و اقتسم المختارون المبلغ .

 

و في الغد مر كل مختار على بيوت محلته , وطلب من الناس أن يعلقوا على واجهات بيوتهم و محلاتهم فوانيس تضاء ليلاً حتى الصباح . و في الليلة التالية رأى الإمبراطور أن عاصمته الجميلة مضاءة كلها .. و هكذا أضيئت بكين !!

 

و هكذا أظلمت حياتنا , بمثل ما تضاء بكين .. و هكذا تدار و تنفذ المشاريع في بلادنا , فهي في عد تنازلي باستمرار, إلى أن يتعثر المشروع و يعجز الأخير عن التنفيذ ..

 

يحدث مثل هذا دون وازع من دين , أو وخز و تأنيب من ضمير , أو ولاء للوطن , أو يد  حاكم تطال المجرمين ..