الجنوب.. هاجس السياسيين والإعلاميين اليمنيين

2025-10-31 09:24

 

الجنوب... الهاجس الدائم في كتابات السياسيين والإعلاميين اليمنيين

 

في كل مناسبة، صغيرة كانت أم كبيرة، لا تكاد صفحات «إكس» (تويتر سابقًا) تخلو من سيلٍ من التغريدات والتصريحات التي تدور كلها حول الجنوب والجنوبيين والمجلس الانتقالي الجنوبي، بل وحتى العلم الجنوبي الذي صار يُؤرق بعض الأقلام أكثر من هموم الناس ومعاناتهم اليومية.

كأن الجنوب بات شغلهم الشاغل وهاجسهم الدائم الذي لا يفارقهم صباحًا ولا مساءً، حتى غابت عنهم قضايا وطنهم الحقيقية، وتجاهلوا الفساد والانهيار الاقتصادي وانعدام الخدمات، ليجعلوا من الجنوب مادة يومية يقتاتون بها سياسيًا وإعلاميًا.

 

إن المتابع لكتابات كثير من السياسيين والإعلاميين والكتّاب اليمنيين يلاحظ أنهم يتعاملون مع الجنوب بعين الحسد والخوف، لا بعين الفهم والإنصاف. فهم يدركون أن الجنوب اليوم يعيش مرحلة وعيٍ سياسيٍ غير مسبوقة، وأن أبناءه ماضون بثقة نحو استعادة دولتهم وحقوقهم، ولهذا تراهم يطلقون سهامهم كل يوم، ظنًا منهم أن حملاتهم الإعلامية ستوقف قطار الإرادة الجنوبية، لكنها في الحقيقة تزيده قوة وصلابة.

 

ولو أنهم انشغلوا بعض الشيء بتحرير أرضهم ومدنهم ومنازلهم في الشمال، واستعادة كرامة شعبهم هناك، لكان أولى وأنفع لهم ولبلدهم، بدل هذا الانشغال الدائم بالجنوب والجنوبيين. ولكنهم — للأسف — جعلوا من الجنوب قميص عثمان، يغطون به فشلهم وعجزهم، ويصرفون به الأنظار عن واقعهم المؤلم.

 

إن من المؤسف أن يتحول الإعلام إلى أداة للتهييج والتحريض، بدل أن يكون منبرًا للحوار والتقارب، وأن تُسخّر أقلامٌ كان يفترض أن تُوجَّه لمعالجة الفساد والفشل الإداري في الشمال، لتهاجم الجنوب ورموزه ومطالبه المشروعة.

فبدل أن يتحدثوا عن غياب الدولة وفساد الحكومة وانهيار العملة، تجدهم يتحدثون عن علم الجنوب وكأن رفعه جريمة، وعن الزبيدي وكأنه خصم شخصي، مع أن الرجل يمثل إرادة شعب كاملة تطالب بالحرية والكرامة.

 

إن الجنوب اليوم حقيقة واقعة لا يمكن تجاهلها، وإرادة شعبه ليست منشورًا في «إكس» يمكن حذفه أو إسكاته. فمهما كتبوا وهاجموا وشوّهوا، ستظل راية الجنوب خفّاقة بإرادة أبنائه الذين ضحوا بدمائهم من أجل مستقبلهم.

 

ختامًا، نقول لهؤلاء: اتركوا الجنوب لأبنائه، ووجّهوا أقلامكم لمعاناة شعبكم، فالقضية الجنوبية أكبر من أن تُختزل في تغريدات أو مزايدات.

الجنوب ماضٍ نحو هدفه بثبات، والحق لا يضره من عاداه، ولا يغطيه غبار الحاقدين.