*- شبوة برس – مصعب عيديد
في أعقاب التمرد الذي أعلنه الشيخ بن حبريش والذي كان يهدف إلى استعادة دور قبائل حضرموت في إدارة شؤونها الذاتية واستعادة القرار من قبضة القوى المتنفذة التي تتحكم بالمشهد السياسي والعسكري في المحافظة برز سؤال جوهري وهو لماذا تملصت القبائل التي كانت جزءًا من حلف حضرموت عن دعم هذا التمرد أو على الأقل عن الاستمرار فيه إلى النهاية ولماذا لم تتوحد مواقفها كما حدث سابقًا حين تأسس الحلف كرد فعل على التهميش والإقصاء الذي تعرضت له حضرموت منذ عقود
إن السبب الرئيس في تملص القبائل يعود إلى عدة عوامل متشابكة أولها تراجع الثقة بالقيادات التقليدية ومنها بن حبريش نفسه خاصة بعد أن تكررت محاولات الحلف في الماضي دون نتائج ملموسة وهو ما جعل الكثير من القبائل تشعر أن هذه التحركات لا تحقق أي مكاسب حقيقية على الأرض بل قد تعرضها للمخاطر الأمنية والسياسية دون مقابل حقيقي كما أن البعض رأى في هذا التمرد خطوة غير محسوبة يمكن أن تجر حضرموت إلى مواجهات مع أطراف أكبر وأكثر تسليحًا وتنظيمًا مما قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار النسبي الذي تعيشه المنطقة مقارنة ببقية المحافظات
من جهة أخرى لعبت المصالح الشخصية والقبلية دورًا كبيرًا في هذا التراجع إذ أن بعض زعماء القبائل أصبحوا مرتبطين بعلاقات مباشرة مع قوى السلطة سواء في الحكومة أو مع الجهات الخارجية الداعمة لبعض الفصائل المحلية وهو ما جعلهم يرون في التمرد تهديدًا لهذه المصالح لا سيما وأن التمرد لم يأتِ ضمن توافق عام بين القبائل بل كان مبادرة من طرف واحد لم يتم التشاور بشأنها بشكل كاف ما جعل الكثيرين يشعرون أنهم ليسوا ملزمين بدعمه أو الانخراط فيه
كما أن المتغيرات الإقليمية والمحلية لعبت دورًا مهمًا في التأثير على مواقف القبائل فهناك تحولات في موازين القوى داخل حضرموت وبين القوى المسيطرة على مناطقها الشرقية والساحلية وهذه التحولات جعلت بعض القبائل تراهن على التهدئة والتفاهم بدلاً من التصعيد والمواجهة خاصة وأن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة والحالة المعيشية الصعبة دفعت العديد من السكان إلى تفضيل الاستقرار على المغامرة السياسية والعسكرية
بالإضافة إلى ذلك فإن تراجع الخطاب الموحد للحلف وغياب مشروع سياسي واضح المعالم يمكن أن يلتف حوله الناس أدى إلى ضعف الحاضنة الشعبية لهذا التمرد فمعظم المواطنين وحتى القبائل ترى أن لا فائدة من الدخول في صراع دون معرفة الهدف النهائي وما إذا كانت هناك خطة واضحة لما بعد التمرد وهل سيكون هناك بديل حقيقي يضمن تمثيل حضرموت وحقوق أبنائها دون الدخول في صراعات دموية مع شركاء في الجغرافيا أو التاريخ