الربط بين استعادة الجنوب والقضاء على الحوثي - رؤية استراتيجية
*- شبوة برس – عبدالله سعيد القروة
تعتبر قضية استعادة الجنوب ومواجهة الحوثيين من أهم القضايا التي تشغل بال الكثيرين في اليمن عمومًا وفي الجنوب خصوصًا. ويرى البعض أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين هذين الملفين من حيث الأهمية والأولويات، بينما يرى آخرون أن هناك أولويات يجب التركيز عليها قبل الشروع في معالجة أي من الملفين، ويقصدون التخلص من الحوثي أولاً. وأعتقد أن هذا من أولويات دول التحالف أيضًا.
لكن عندما يتم ربط استعادة الجنوب بالقضاء على الحوثي، فإن ذلك يدل على نية لترحيل قضية الجنوب إلى المجهول، على الأقل في الوقت الحاضر. يسمى الحوثي رسميًا في بعض دوائر القرار، وخاصة في الأمم المتحدة، "حكومة الأمر الواقع في صنعاء"، وهذا يعقد مسألة التخلص منه ما لم تنتفض الحاضنة الشعبية للمقاومة وينتفض الشارع في مدن اليمن ويتم فتح جميع جبهات المواجهة العسكرية. وهذا في رأيي، حتى الآن، غير وارد.
1. السياق التاريخي والسياسي لقضية الجنوب
لا أعتقد أن من يقرأ هذه السطور من الجنوبيين يجهل السياق السياسي والتاريخي لقضية الجنوب. التطورات المتلاحقة والمتغيرات الدولية تفرض علينا كجنوبيين أن نتعامل معها كما هي، وليس بالضرورة أن تكون في صالحنا، لأننا نتأثر بما يجري من حولنا شئنا أم أبينا.
نحن نتفهم الموقف الرسمي لدول التحالف من القضية الجنوبية ومسؤوليتها القانونية أمام العالم، والهدف الذي تشكل من أجله التحالف، وهو "استعادة الشرعية" والقضاء على الحوثي. لكن قضيتنا ولدت قبل انقلاب الحوثي على السلطة، ومن الظلم ربطها بالتخلص منه، لأنها قضية شعب يريد استعادة استقلاله وتقرير مصيره.
المليشيات الحوثية تدعي أن لها حقًا إلهيًا في حكم اليمن، وهو شأن خاص بهم. أما نحن في الجنوب نقول: لا حق إلهي لأحد في حكمنا. الحق الدستوري فقط يأتي من صندوق الانتخابات.
2 هل يوجد ارتباط بين استعادة الجنوب والقضاء على الحوثي؟
من حيث المبدأ، لا علاقة لاستعادة الجنوب بالقضاء على الحوثي، لكن سياسيًا، كما أشرنا سابقًا، هناك موقف التحالف والالتزامات الدولية. داخليًا، فإن معظم قوى اليمن السياسية والعسكرية لا يرون أولويات لأنهم ينكرون حق شعب الجنوب في استعادة استقلاله وبناء دولته، لذلك فلن يخلصوا في القضاء على الحوثي، وقد ينضمون إليه أو يتآمرون معه "كعادتهم" ضد التحالف والقوى الأخرى. هذا الأمر يجب أخذه في الاعتبار، ويجب التريث وعدم المغامرة غير محسوبة النتائج.
3 وجهات النظر المختلفة حول الأولويات
هناك وجهات نظر مختلفة حول هذا الشأن، منها من يرى أن الأولوية يجب أن تكون لاستعادة الجنوب لفرض أمر واقع على الأرض، وهذا يتطلب وضعية خاصة وموافقة التحالف العربي التي لن تأتي. وهناك من يرى أن مواجهة الحوثي يجب أن تكون هي الأولى، وهذا الرأي يدعمه التحالف ومعظم الطيف السياسي اليمني ودول العالم المناهضة للحوثيين.
4. التحديات التي تواجه استعادة الجنوب
هناك تحديات ومخاطر كبيرة وتعقيدات تواجه أي جهود لاستعادة الجنوب في الوقت الحاضر، خاصة وأن التحالف مقيد بالتزام دولي للحفاظ على "وحدة اليمن وسلامة أراضيه"، كما يردد الإعلام الرسمي والدبلوماسية التابعة للتحالف العربي في التصريحات الرسمية. لكن هذا لن يغير من مطالب شعب الجنوب في تقرير مصيره واستعادة أرضه واستقلاله.
مسألة القضاء على الحوثي، في نظر معظم الجنوبيين، تخص بالدرجة الأولى القوى والأحزاب والقبائل اليمنية التي تؤيده وتمده بالمقاتلين وتقدم له الدعم والحاضنة الشعبية.. عليها يكون واجب الخلاص منه أو البقاء تحت سلطته بموجب "الحق الإلهي" الذي يدعيه.
ملخص وجهة النظر:
يجب أن تكون هناك استراتيجية شاملة تأخذ في الاعتبار جميع العوامل والمتغيرات في اليمن والجنوب. ويجب أن تكون هذه الاستراتيجية قائمة على فهم عميق للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وعلى رؤية واضحة للمستقبل، بحيث تضمن الأمن والاستقرار، ومنع تكرار الأزمات والحروب، وتبني أسسًا قوية ومستدامة للسلام والأمن في جنوب شبه الجزيرة العربية.