رحل الاخ والصديق اديب العيسي صاحب القلب الكبير والمناضل الجسور الذي لا يخشى في الحق لومة لائم الذي ينتمي لعائلة وطنية لها بصمات في العمل الوطني في الجنوب وفي اليمن.
رحل فجأة دون ان نعلم عن ازمته الصحية، ربما لأن الحاضر فرقنا وتحولت اللقاءات النخبوية الجنوبية من لقاءات تحمل طابع وطني واسع الى لقاءات اقل من ذلك، جعلت كثير منا لا يطيقها، رحل وهو لم يكل من السعي لوحدة الحركة الوطنية الجنوبية وهكذا خسرنا فارسا من فرسان التوافق الجنوبي.
عندما كانت تجمعنا لقاءات (منتدى الاحلام) في منزل صديقنا العزيز ناصر حسين الإسرائيلي كنا نرى هناك كل جغرافيا الجنوب، كان ذلك قبيل انطلاق الحراك السلمي الجنوبي، وكانت منتديات عدن هي متنفسنا الذي كان يتصدرها منتدى وصحيفة الايام.
عند الغزو الثاني للجنوب كان اديب وكوكبة من الزملاء من ابطال الجنوب يتولون تغذية جبهات عدن بالطعام وبعض لوازم الحرب بتمويل من الشيخ احمد صالح العيسي، وبعد تحرير عدن لم يبحث عن ثمن لمواقفه، فآثر ان يترك الاضواء لعشاق الاضواء والمناصب.
خلال الحوارات الجنوبية التي سبقت (نكبة ٢٠١٩م) كنا في لقاء في منزل الوزير احمد الميسري مع كوكبة جنوبية لعلي اذكر منهم فقيدنا الكبير امين صالح محمد، يومها فجر فقيدنا اديب العيسي في وجوه الجميع مقولته التي لم أنساها حين قال (مفتاح المصالحة الوطنية الجنوبية يبدأ من تصالح أبين والضالع) لم يعلق احد على مقولته تلك لكن الحديث تطرق الى حضرموت قاطرة الجنوب وباقي محافظات الجنوب.
وبراءة للذمة وللتاريخ، فلا ندري متى يأتي الرحيل، فان الاخوان الزبيدي والميسري (مع حفظ الالقاب والصفات) لم يكن اي منهما مندفع لتفجير صراع جنوبي فقد قال الاخ احمد الميسري (لو انطلقت رصاصة من جانبنا فاعتبروها من مسدسي) ووافقني الاخ عيدروس الزبيدي عندما قلت له ان هناك مغامرون من الطرفين حين قال (نعم هناك متطرفون) رغم تحفظ بعض الزملاء على التعبير الذي استخدمته، وربما سبق المقامرون دور العقول.
رحلت يا صديقي العزيز اديب العيسي والقلوب والنفوس ليست تلك التي عهدناها في سنوات الحراك الجنوبي حين كنا على قلب رجل واحد، اصبحنا كأننا في يوم القيامة، يوم يفر المرء من اخيه، او كأننا في (حفل تنكري) لا تدري معه هل الوجوه التي نراها هي الوجوه التي نعرفها او انها اقنعة مزيفة، وهذا ليس تعميما، لكنه يذكرنا بمقولة للصحافية التونسية كوثر البشراوي، وهي من أنصار الإخوان المسلمين حين شرحتهم قائلة (لم نعد نعرفهم فلا ادري هل كانت حقيقتهم عندما كانوا في المعارضة او وهم في السلطة)، والحقيقة انه اصدق توصيف سمعته عن الإخوان.
ومع ذلك فإن هناك اوفياء للعهد الذي قطعناه ان (دم الجنوبي على الجنوبي حرام)، ويدركون ان فرض اولوية قضيتنا مرهون بوحدتنا الجنوبية واستقوائنا ببعضنا.
نعم قرير العين يا اديب فقد كان مأتمك يحمل طابع توافقا جنوبيا، وهو ما كنت تحلم به، وانتظر قدوم الاخرين فالدوام لمن له الدوام، وقد قالوا الأولين (لو دامت لغيرك ما وصلت إليك).
تعازينا ومواساتنا لآل العيسي كافة ولكل محبيك ورفاقك في الحركة الوطنية الجنوبية.
عدن
٢٠ سبتمبر ٢٠٢٥م