أصدر الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، القرار رقم (10) لعام 2025 بشأن تشكيل اللجنة التحضيرية لمجلس شيوخ الجنوب العربي، وهي خطوة تحمل أبعادًا سياسية واجتماعية واستراتيجية تعكس رؤية القيادة في بناء مؤسسات فاعلة تستوعب مختلف مكونات المجتمع الجنوبي.
يأتي القرار في توقيت دقيق يتطلب تعزيز الهياكل التنظيمية والسياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي، خاصة مع تطورات المشهد الإقليمي والدولي.
تأسيس مجلس شيوخ الجنوب العربي ليس مجرد تشكيل جديد، بل هو إطار مؤسسي يهدف إلى تمكين القوى التقليدية والمرجعية القبلية والاجتماعية من لعب دور أكثر تنظيمًا وتأثيرًا في عملية استعادة الدولة الجنوبية.
إن مجلس الشيوخ، ككيان يضم نخبة من القيادات القبلية والاجتماعية، يمكن أن يشكل عامل توازن داخل الهيكل السياسي الجنوبي، بحيث يكون داعمًا للقرار السياسي، ورافدًا شرعيًا للتوجهات الاستراتيجية للمجلس الانتقالي، ما يمنح قراراته طابعًا أوسع من المشروعية المجتمعية.
يحدد القرار معالم اللجنة التحضيرية من حيث الرئاسة والأعضاء، والمهام المناطة بها، والإجراءات التنظيمية التي ينبغي اتباعها.
يعكس اختيار الشيخ علي عبدالله سالم الكثيري رئيسًا للجنة، توجهًا نحو الاعتماد على الشخصيات ذات الوزن الاجتماعي والسياسي، والقادرة على إدارة حوارات واسعة مع مختلف القوى والمكونات القبلية.
تضم اللجنة أسماءً من مختلف قبائل الجنوب العربي، ما يشير إلى الحرص على تحقيق التمثيل المتوازن بين المناطق والتكوينات الاجتماعية.
تخصيص "مقرّر للجنة" يعكس بعدًا إداريًا وتنظيميًا يهدف إلى تعزيز فاعلية عملها.
الإعداد والتحضير لإشهار مجلس شيوخ الجنوب العربي وفق خطة زمنية محددة.
وضع لائحة تنظيمية للمجلس، تحدد هيكله وصلاحياته وعلاقته بهيئات المجلس الانتقالي.
التواصل مع مختلف القيادات القبلية في الداخل والخارج لضمان مشاركة أوسع.
ضبط التوازن في التمثيل، بحيث لا يتجاوز قوام الهيئة المركزية للمجلس 121 عضوًا، والهيئة التنفيذية 15 عضوًا.
يفرض القرار على اللجنة التحضيرية عقد اجتماعاتها في العاصمة عدن، مع إمكانية مشاركة الأعضاء من الخارج عبر الاتصال المرئي.
يشدد القرار على آلية اتخاذ القرارات بالتوافق، وفي حال تعذر ذلك، يتم إحالة المسائل الخلافية إلى رئيس المجلس الانتقالي للحسم، ما يعكس توجهًا نحو ضبط الإيقاع التنظيمي ومنع أي تعثر محتمل.
يحدد القرار أن اللجنة التحضيرية تعتبر منحلة بمجرد صدور قرار تشكيل الهيئة المركزية والهيئة التنفيذية لمجلس شيوخ الجنوب العربي، ما يعني أن عملها مرتبط بهدف واضح ومحدد بزمن.
إن تشكيل مجلس شيوخ الجنوب العربي يضيف بُعدًا مؤسساتيًا جديدًا للمجلس الانتقالي الجنوبي، حيث يعكس هذا القرار إدراك القيادة لأهمية توسيع دائرة المشاركة وإشراك القوى التقليدية الفاعلة في المجتمع الجنوبي في عملية صناعة القرار.
يتيح المجلس الجديد منصة للحوار السياسي والاجتماعي بين القوى القبلية والمكونات الأخرى، ما يخلق بيئة أكثر انسجامًا وتوافقًا، ويقلل من احتمالات التباينات الداخلية أو الصراعات على النفوذ والتمثيل.
عندما تشارك القوى الاجتماعية والقبلية في كيان مؤسسي، فإن ذلك يسهم في تخفيف حدة التوترات القبلية، ويضمن أن تكون المصالح العشائرية ضمن إطار سياسي منظم، وليس عبر آليات تقليدية قد تفضي إلى نزاعات أو توترات غير محسوبة العواقب.
يمكن لمجلس الشيوخ أن يصبح قناة لاحتواء الخلافات ومعالجتها بطريقة منظمة، بعيدًا عن أي استقطابات سياسية حادة، مما يعزز الاستقرار داخل النسيج الاجتماعي والسياسي الجنوبي.
ضمان تمثيل عادل ومتوازن لجميع مكونات الجنوب، بحيث لا يطغى نفوذ بعض القبائل على غيرها.
التحديات اللوجستية والإدارية في تنظيم أعمال المجلس وآليات عمله، خاصة في ظل الأوضاع الحالية في الجنوب.
يمثل قرار تشكيل اللجنة التحضيرية لمجلس شيوخ الجنوب العربي خطوة استراتيجية ذكية تعكس إدراك المجلس الانتقالي الجنوبي لأهمية بناء مؤسسات ذات طابع تمثيلي واسع، تعزز من شرعيته، وتسهم في تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في الجنوب.
نجاح المجلس الجديد يعتمد على قدرته على العمل كحلقة وصل بين القوى القبلية والمكونات السياسية، وتقديم حلول عملية تسهم في تحقيق الأهداف الكبرى لمشروع استعادة الدولة الجنوبية.