*- تقرير خاص لـ "شبوة برس"
عامٌ كامل والمدارس في عدن ومحافظات الجنوب أشبه بمسرحٍ فارغ، لا مدرسين ولا طلاب، إلا من أولئك المساكين الذين ما زالوا يحلمون بفصلٍ دراسي لم يبدأ أبدًا. المدرسون مضربون، الحقوق معلقة، والأطفال يلعبون في الشوارع بدلًا من أن يلعبوا بالطباشير على السبورة. لكن لا بأس! فوزارة التربية والتعليم في حكومتنا الموقرة قد وجدت الحل السحري لكل هذه المشاكل: "الشهادات بالهبل!".
نعم، لم يعد هناك حاجة لتكديس الكتب أو تعبئة الأدمغة بالمعرفة، فاليوم تُطبع الشهادات كالفطائر الساخنة، تُوزع على جميع المراحل بتفوقٍ مذهل! الطالب الذي لم يطأ قدمه المدرسة منذ سنوات؟ متفوق! الذي يجهل كتابة اسمه؟ ناجح بتقدير امتياز! الذي يعتقد أن "الجبر" نوع من أنواع الحلويات؟ عبقري الرياضيات!
لقد وصل بنا الإبداع الوزاري إلى ذروته، حتى أن بعض المواطنين اقترحوا تغيير شعار الجمهورية إلى: "الله، الشعب، الشهادة المزورة". وأصبح من الطبيعي أن ترى طفلًا في العاشرة من عمره يحمل شهادة ثانوية عامة، وهو لا يعرف حتى كيف يربط حذاءه!
وفي هذه الأجواء الساخرة، لم يعد مستغربًا أن نسمع نداءاتٍ للعرب قائلةً: "هاجروا إلى اليمن، ففيها وزير تعليم لا يرسب عنده أحد!". فلماذا تتعبون أنفسكم بالدراسة والامتحانات في دولٍ تعاني من تعقيدات مثل "النزاهة" و"الجدية"؟ تعالوا إلى بلدٍ يُمنح فيه النجاح مجانًا، وحيث الفشل أصبح ضربًا من المستحيل!
أما أولئك الذين ما زالوا يصرون على أن التعليم يجب أن يكون جادًا، وأن الشهادات يجب أن تُكتسب بالعلم لا بالواسطة، فنقول لهم: "حلّقوا معنا في عالم الخيال الوزاري، أو استمتعوا بمشاهدة جيلٍ كامل يتخرج وهو يظن أن 'نيوتن' هو مجرد اسم لعلكة!".
فاللهم احفظنا من العقول المفكرة، ومن الأسئلة المحرجة، واجعلنا من عبيد الشهادات المطبوعة، فنحن أمة "اقرأ".. لكن بلا قراءة!