اراد الغرب من حرب أوكرانيا استدراج روسيا لحرب واسعة تدفعها لإعلان التعبئة العامة التي سوف تؤثر على عجلة الاقتصاد بالداخل بسبب دفع معظم الايدي العاملة للجبهة،
يترافق ذلك مع عقوبات اقتصادية خارجية شاملة وواسعة لم تحصل مثلها من قبل ضد اي دولة بالعالم.
1) هذا السيناريو ( بحسابات الغرب) كان كافيا لانهيار اقتصادي روسي وتحرك المعارضة الروسية لقيادة الشارع الروسي ضد سلطة بوتين واسقاطها مثلما سقطت سلطة جورباتشوف بنفس هذا السيناريو.
2) بعدها يمكن قيام سلطة في موسكو موالية للغرب وبعيدة عن اي تحالف استراتيجي مهم مع الصين الذي سوف يكون الأنفراد بها لاحقا اكثر سهولة.
3) خلال 3 سنوات لم تحقق ادارة بايدن هذا الهدف وقدمت الصين طوق النجاة الاقتصادي لروسيا بزيادة وارداتها من الطاقة الروسية والتعامل التجاري معها بالعملات الوطنية بعيدا عن هيمنة الدولار .. وفي نفس الوقت أدركت روسيا الهدف البعيد للحرب من قبل الغرب فسحبت قواتها من ضواحي كييف ومقاطعة سومي ومن كل مناطق غرب نهر الدنيبر واكتفت بتعبئة جزئية لتامين المناطق المتبقية واعتماد اسلوب التقدم التدريجي بالحرب الذي لا يزعج الشارع الروسي ولايشكل عبئ كبير على الاقتصاد وفي نفس الوقت لايعطي دول حلف الناتو الفرصة للدخول في حرب تقليدية مباشرة وواسعة مع روسيا.
4) كانت النتيجة عكسية بالنسبة للغرب، حيث استمر الاقتصاد الروسي بالنمو ولو بنسب بسيطة بدلا من الانكماش وتأثر اقتصاد الاتحاد الأوروبي بشكل سلبي للغاية بسبب العقوبات نفسها وبسبب التزامات دعم أوكرانيا بالحرب.
5) ووجدت أمريكا ان هذه الحرب لم تؤثر على منافسها الاقتصادي الأول ( الصين) بل كانت سببا في توفير له مصادر طاقه روسية ارخص مما كانت من قبل ، ولم تؤدي حرب أوكرانيا الى خسارة الصين لحليف استراتيجي ( روسيا) بل على العكس تعمق التحالف بينهما بشكل أعمق واوسع.
كل هذا يتم بينما يستمر الاقتصاد الأمريكي بالتراجع وتزداد مؤشرات العجز الاقتصادي بشكل ينبئ بالخطر وقد يتحول في المستقبل القريب الى قضية وجودية بالنسبة للاقتصاد الأمريكي والدولة الامريكية.
6) لهذا السبب دون غيرة جاءت ادارة ترامب المدعومة بشكل واضح من مجتمع المال والاعمال الذي يرى المخاطر الاقتصادية اكثر من غيره من شرائح المجتمع الأمريكي.. لغرض إنقاذ المستقبل الاقتصادي لامريكا ولو تطلّب الأمر التغيير الجذري للسياسة الخارجية الأمريكية وهو ما يحدث الان.
في الجزء التالي سنفصل الخلفية الاقتصادية للتغيير الأمريكي بالسياسة الخارجية.
#م_مسعود_احمد_زين