في كل معركة يخوضها شعب الجنوب لاستعادة قراره وبناء دولته، يبقى الفساد واحداً من أخطر الأعداء التي تهدد الاستقرار وتلتهم مقدرات الشعب منذ ثلاثة عقود كاملة. الفساد هو حالة دخيلة وخلل إداري، ومنظومة متجذرة، نمت في ظل حكومات فاشلة استغلت مقدرات الوطن لمصالحها الضيقة. قرار المواجهة هو خيار ضروري. فمنذ اليوم الأول، جعل المجلس الانتقالي الجنوبي محاربة الفساد معركة مصيرية، إدراكاً منه أن لا تنمية ولا عدالة يمكن أن تتحقق في ظل استشراء الفساد. وقد أكد الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي في أكثر من مناسبة أن الفساد هو خلل إداري وهو سرطان سياسي واقتصادي يحتاج إلى استئصال جذري، يتطلب إرادة جنوبية صلبة وخطوات جريئة. ومن هنا برز دور النائب فرج البحسني، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو مجلس القيادة الرئاسي، الذي دخل المواجهة مباشرة، متسلحاً بإرادة جنوبية لا تعرف التهاون، تحولت إلى إجراءات عملية كشفت المستور وضربت أوكار الفساد في صميمها. فلطالما كان قطاع النفط في الجنوب واحداً من أكثر القطاعات تعرضاً للنهب والفساد، حيث تحولت ثروات البلاد إلى مصدر إثراء لطبقة سياسية فاسدة شمالية، بينما ظل المواطن الجنوبي يعاني الفقر وحرب الخدمات الأساسية. وهنا، جاء تحرك البحسني ليضع حداً لهذا العبث، إذ كشف عن عمليات تهريب واسعة للنفط كان يتم تمريرها تحت غطاء وهمي، لتصب في جيوب قوى متنفذة، داخل أجهزة الحكومة الحالية. هذا الكشف قاد إلى سلسلة من الإجراءات الصارمة، حيث بدأ البحسني بتوقيف المنافذ التي كانت تستخدم لتهريب النفط، وكشف الجهات المتورطة، واتخاذ قرارات حاسمة. الفساد كقضية اقتصادية خطيرة ولها إرتباط بمشاريع سياسية شمالية وإقليمية تهدف إلى إبقاء الجنوب في حالة ضعف. لهذا، كانت الحرب ضد الفساد في حقيقتها حرباً لتحرير القرار الجنوبي من قبضة قوى لا تريد له أن ينهض. فالفاسدون ليسوا مجرد أفراد، بل شبكات متكاملة تم بناءها منذ 3 عقود ومتحالفة مع قوى معادية تسعى لإفشال أي مشروع جنوبي مستقل. لذلك، تعد مواجهة الفساد معركة مصيرية وصراع ضد منظومة كاملة ترى في الجنوب مجرد مصدر للنهب والابتزاز السياسي. وهنا، لعب المجلس الانتقالي الجنوبي دور محوري في تحويل هذه الحرب إلى قضية وطنية لا تقبل المساومة، حيث تم كسر حاجز الصمت وكشف الحقائق أمام الشعب الجنوبي، ليعرف الجميع من يعبث بمستقبلهم.