أهالي المكلا ليش يحبون ترامب؟

2025-01-22 09:18

 

درج الحضارم على إعطاء محبتهم لمن يحسبون أنهم قريبون منه وتنفتح أبوابهم له من دون تكلف ولا مال ولا نفاق. هكذا طبعهم واتصفوا على مدى دهور من الزمن بأنهم يغدقون المحبة ويتغنون بها إما مدحا أو شعرا أو بكلمة -شاباش عليه مهتر بن مهتر- وحتى لو كان بعيدا منهم بغض النظر عن اللون ومن يكون.

 

قلوب أهل المكلا لا تعرف التفرقة ويدخلها من انفتحت له، لأنهم قوم بسطاء وأهل بحر ومن قصصهم أنهم أحبوا الأمير صلاح الكسادي وأمارته وظلوا يحنون إلى عودته للحكم، بل اتخذوا موقفا صعبا من وصول حكام السلطنة القعيطية للمكلا وطردهم للأمير الكسادي، ومن نوادرهم أنهم كانوا يرتلون الورد ما بعد الصلوات بصوت خافت جدا وبه دعوات لعودة الكسادي بطريقة لطيفة وتمتمات مازالت لليوم، وحين أبلغوا القعيطي ذلك عبر عسسه وعيونه في المساجد تركهم على حالهم وسعى لفتح طرق أخرى يخترقهم بها.

 

وهناك قصة السلطان صالح القعيطي وهو مهندس فقد أرسل له أهل الشحر الراديو الوحيد الذي معهم في غمرة الحرب العالمية الثانية وكانوا يسمعون به إذاعة هنا برلين ومن المؤيدين لهتلر وصوت المذيع العربي بإذاعته، وحين تعطل الراديو أرسلوه إلى السلطان صالح نفسه لإصلاحه، فيما كانت المكلا مؤيدة للحلفاء وتذيع بياناتهم بعد المغرب عبر إذاعة وراديو أنشأ لهذا الغرض، ولم يمانع السلطان فأصلح الراديو وأعاده للشحر وقال ضاحكا وهو قد زار برلين ما قبل الحرب بسنة أهل الشحر حاسيين قسموا المحبة نصين أي نصفين.

 

ومن عشق أهل المكلا محبته لمن عايشهم من الهنود البانيان ومنهم المعروف بكاكو تاجر الذهب وسموه أهل المكلا أبوسالم، وكان يجيد اللهجة المكلاوية ويحضر حفلات محمد جمعة خان واندمج مع الناس لدرجة أنهم يذكرونه لليوم، بل حين قرر الرحيل وهو عجوز إلى بلده خرجت المكلا تودعه عن بكرة أبيها ووزعوا الطعام والخبز نهار وداعه.

 

ما بغينا إلا ترامب وهم يقصدون الرئيس الأمريكي الجديد ترامب، وانحازوا إليه من دون أن تتوفر أسباب جلية تظهر هذا، ربما لأن وصوله أوقف حرب غزة، وهناك أيضا ضجر كبير لدى أهالي المكلا من الحلول لمشاكلهم التي ازدادت وأن أبناءهم عاجزون عن الحل، وأن التحالف تسبب بأذى كبير لهم وهو الآخر بسبب أنه لا يجنح إلى الحلول بل ربما الصمت وفساد في التفكير، هذا الأمر الذي دفع بالحضارم إلى أن مسألة ظهور ترامب هي التي ستمحي كل أسباب النزاعات الحضرمية ما بين الهضبة والحكم، وستنهي كل التدهور المفتعل ما بين الأطراف لو قال كلمته وأعطاهم نهصة حنانة رنانة، لهذا حين تسمع كلمة والله بغيناه يجي هي لها معنى أكبر، إذ إن كل ما يرونه أمامه من رئاسة وحكومة وأذيال تجر حالها لا تنفع، وكما يقول المثل (ما للجرح إلا التيتواء).. يبدو أن الحضارم أعجبتهم لهجة الرئيس ترامب ودخل مزاجهم، وربما لهم حكمة في هذا أن كل شيء جربناه ولم يبق إلا أمريكا نجربها ولعل وعسى ينقلع حال بها ويجيء حال وسبحان مغير الأحوال.