أغلب هذه الأسئلة مردها لفكرة واحدة أن هذه العمليات تضر بالملاحة الدولية وقناة السويس، بالتالي على مصر أن تتدخل ضد اليمن ..
الجواب في بضعة نقاط متصلة:
أولا: سياسة مصر منذ العصر الملكي واحدة تجاه فلسطين وتتلخص في دعم التضامن العربي ضد إسرائيل، وعمليات اليمن هي جزء من هذا التضامن لرفع الظلم عن منكوبي #غزة والانتقام من مجرمي الحرب المسؤولين عن معاناتهم..
ثانيا: يوجد إجماع عربي لدعم هذا التضامن تمثل في رفض الدول المشاطئة للبحر الأحمر - محل الإشكال- نقد ورفض عمليات اليمن، ومن بين هؤلاء مصر والسعودية..
ثالثا: يعني مصر والسعودية عمليا وعلى المستوى الرسمي ليسوا ضد هذه العمليات، كونها جاءت رد فعل على جرائم إسرائيل ليس إلا، وبالتالي ليس من الحكمة وكذلك من باب التضامن العربي مع فلسطين تحميل اليمن مسؤولية أزمة الملاحة الدولية، لأن هذه الأزمة مفتعلة من طرف آخر..
رابعا: مصر تعلم جيدا أن المتسبب في أزمة الملاحة الدولية هي الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الأوروبيين، فهم الذين رهنوا مرور السفن الدولية من باب المندب بأمن سفن إسرائيل..
ولتوضيح تلك النقطة،
نسبة سفن إسرائيل المارة من قناة السويس لا تتعدى 1% وهي الخاصة بموانئ إسرائيل على المتوسط كعسقلان وحيفا وتل أبيب، وباقي السفن المارة من باب المندب تدخل خليج العقبة نحو إيلات..
قامت الولايات المتحدة بعسكرة البحر الأحمر عن طريق جمع أساطيل متعددة وبالتعاون مع بريطانيا وشركاتها البحرية اشاعوا الخوف والذعر في باب المندب، ثم أعطوا أوامرهم وتعليماتهم للسفن بتغيير خط سيرهم نحو طريق رأس الرجاء الصالح، وذلك لهدفين..
1- الضغط على مصر والسعودية لكسر هذا التضامن العربي ودفعهم لمهاجمة اليمن بعد تضرر موانئ السعودية وقناة السويس..
2- الضغط على المجتمع الدولي ودفعه لعقد تحالف دولي أكبر ضد اليمنيين يساعد في تأمين سفن إسرائيل وفي ذات الوقت يصبح مقدمة لإشعال حرب أهلية يمنية ودعم أحد أطرافها .
طبعا الهدفان لم يتحقق منهم شئ، وظلت الولايات المتحدة متهمة بعسكرة البحر الأحمر وتعطيل الملاحة الدولية فيه عند المصريين والسعوديين..
خامسا: نتيجة لعمليات أمريكا ارتفعت نسبة الانخفاض في المرور بقناة السويس من 1% إلى أكثر من 50%
يعني عمليا اليمنيين ليسوا لهم ذنب إطلاقا في هذه الأزمة، وهم منذ البداية رهنوا توقف عملياتهم بوقف الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، وما فعله اليمينون ليس إرهابا أو قرصنة بل إنقاذ مشروع لشعب يتعرض لإبادة جماعية بالصوت والصورة كل يوم..
سادسا: الدبلوماسية المصرية مدركة تماما لما سبق، لذلك فهي لا تنتقد سوى التدخل الأمريكي، والجرائم الإسرئيلية بوصفهم السبب الأصيل في أزمة الملاحة الدولية بالبحر الأحمر..
سابعا: من مصلحة الأمن القومي العربي أن تكون هناك قوة عربية مهمة ضد الغرب و إسرائيل بالذات في المضايق الكبرى، كي تصلح هذه الورقة في إحداث نوع من الضغط والمكسب السياسي ضد الإمبريالية الأمريكية في حال لجوءها لابتزاز الحكام والشعوب العربية..
يعني أي جهد عربي لكسر ورقة اليمن هذه الأيام هو كمن يخنق نفسه بنفسه، ويقضي على سلاحه بنفسه، ويسهم في ضعف الموقف العربي أكثر مما هو ضعيف، ولعل ورقة اليمن تتحول لمكسب استراتيجي كبير للشعوب العربية في المستقبل...فالشعب هناك عربي مسلم وثقافته وأهدافه تتقف وتنسجم تماما مع مطالب العرب كافة، وخسارته أكيد ليست من الحكمة