"نظرة في تصريحات الجولاني لصحيفة التايمز"
تعهد الجولاني بأنه «لن يسمح باستخدام البلاد كنقطة انطلاق لهجمات ضد إسرائيل أو أي دولة أخرى»
وقال: "نحن ملتزمون باتفاقية 1974 ومستعدون لإعادة المراقبين الدوليين، لا نريد أي صراع سواء مع إسرائيل أو أي طرف آخر".
_
يستشف المراقب للمستقبل العربي من خلال ما قاله (الجولاني) أن كل الأنظمة العربية مقبلة على تغيير جذري في علاقتها مع إسرائيل وأن عقود العداء بدأت تضمحل وتنتهي بسيطرة" هيئة تحرير الشام" على سوريا.
ومن خلال تصريحات الجولاني لصحيفة التايمز يظهر ان لديه نظرة أبعد مما يتصور البعض فهو لن يغامر بسوريا التي سيطر عليها ويقحمها في صراع سيكون هو الخاسر فيه بالتأكيد! او هكذا قيل له.
والتزامه بإتفاقية 1974 التي قام بإلغائها النتن ياهو ومطالبته اسرائيل بالإنسحاب إلى ماقبل مطلع ديسمبر الحالي.. يبدو أنه على إستعداد لفتح باب الحوار مع إسرائيل! قد يكون تطبيع او علاقات دبلوماسية كاملة.. وقد تكون ايضا بتوصيه من دول عربية داعمه للجولاني بإفتتاح باب التطبيع مع إسرائيل ليدخل منه من تبقى من العرب بحجة أن سوريا ومصر والأردن المجاورين لإسرائيل طبعوا علاقاتهم فماذا ننتظر ونحن بعيدين عن فلسطين.
كما تدل التصريحات بأن فلسطين لم تعد قضية العرب وأن إسرائيل لها الحق في دولة آمنه مطمئنة لايوجد من يهددها.
هذه التصريحات في ظاهرها دبلوماسية سياسية وطمأنة للغرب وإسرائيل بالذات بأن النظام الحالي في سوريا لا يشكل اي تهديد لأمن إسرائيل،وايضا إرسال رسائل متعددة الاتجاهات ترمي إلى أن وراء الأكمة ما وراءها.
لكن في نظرة أعمق على موقف الغرب وخاصة أمريكا ودعمها للجولاني للسيطرة على عموم سوريا في اقل من 12 يوم يضع علامات استفهام على توجه النظام الجديد.
الجولاني الذي وضعته أمريكا على قائمة (اخطر الإرهابيين العالميين_ طبعا حسب تصنيفها)! تدعمه وتظهر التقرب اليه "وقد تكون قريبة منه أصلا منذ زمن".. إنها السياسة ودهاليزها. يد أمريكا موجودة وهي المحرك الأساسي لكل ما يحصل في المنطقة وهي التي ترسم السياسات لدول المنطقة في الزمن العربي الردي بعد المؤامرة الكبرى (الربيع العبري).
تصريحات الجولاني لطمأنة إسرائيل لم تأت من فراغ فهو يعلم أنه لن يستقر في دمشق مالم يؤكد حياده او ولاءه لإسرائيل وأمريكا.
هكذا كان نظام آل الأسد لايستطيع حتى الرد على هجمات إسرائيل وكذلك الأردن بحكم الجوار اللصيق بالعدو اللدود ولا لوم عليهم.
ويؤكد بأنه ملتزم بعدم فتح سوريا لأي جهة لمهاجمة إسرائيل بما فيها المقاومة الفلسطينية ناهيك عن إيران وحزب الله وهذا ما تطلبه إسرائيل من حكام سوريا على الدوام.
التوجه الجديد من خلال التصريحات تدل على ان النظام الجديد حريص على النأي بنفسه من الصراعات وأن الشعب السوري بحاجة إلى الراحة بعد متاعب السنين السابقة من القمع والحروب.
من خلال ماسبق تظهر صورة سوداء للمستقبل العربي نابعة من (دمشق) قلب العرب النابض الذي سيبقى حيا في كيان كل عربي شريف مهما حدث من إرهاصات وسقوط.
عبدالله سعيد القروة
17ديسمبر 2024