الغزوات والفتوحات
*- شبوة برس – د محمد سالم الغامدي
الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبعثه الله تعالى غازياً بل بعثه مبلغاً وشاهداً ومبشراً ونذيرا وسراجاً منيرا قال تعالى (وماعلى الرسول إلا البلاغ المبين ) وقال تعالى ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا * وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا ).
لكن من كان يدس السم في العسل ممن عبث بالتاريخ والفقه والحديث جعلوه في أحاديثهم وسردياتهم التاريخية المكذوبة غازياً وقاتلاً عندما اطلقوا على الفتوحات الدعوية التي قام بها بأمر الله تعالى غزوات والغزوة لاتمت للدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة التي أمره الله بها لتبليغ رسالته فالغزوة حتما يحدث فيها القتل وسلب الأموال واستباحة النساء بغير وجه حق بل إن الله خصص القتال لمن يعتدي علينا فقط بل قال بالمثل وهذا هو العدل الرباني قال تعالى ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) البقرة 194 وقال تعالى ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) النحل : 126.
وقال تعالى ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) الشورى : 40 وآيات أخر تنهى عن الإعتداء لمن لم يعتدي
لكن للأسف الشديد أن الجهل المدقع والأمية التي عاشتها الشريحة العظمى من العرب قبل النبوة وبعدها جعلت الحاقدين من الفرس وغيرهم من المدرعمين بجهل ينفثون سمومهم بإسم التاريخ والحديث والفقه ثم تتلقفه الأجيال دون تعقل وتدبر وتحليل وتنقيح فكانت النتيجة أن جاء مشوهاً ومخالفاً للتعاليم الربانية وللأسف الشديد أن الغزوات التي تتمثل فيها صورة الغزو الحقيقي التي تخالف كتاب الله قامت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال المسماة فتوحات التي كانت تمارس الكثير من التعسف والقتل والسلب والنهب والتي تخالف تعاليم كتاب الله التي تحث على الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة قال تعالى (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) فهذا الأمر الإلاهي الصريح يخالف المطلب الرباني الذي خصص القتال بالدفاع عن النفس والعرض والمال ولمن يعتدي فقط .
فتراثنا الشرعي وتاريخنا العربي يتخللهما الكثير من عناصر الكذب والتزييف التي تحولت إلى ثوابت عند العامة من الناس وحتى عند البعض من غير العامة وكان من أبرز الأسباب التي أدت إلى ذلك الخلل بالإضافة إلى تفشي الأمية بدرجة واسعة عند الشريحة العظمى من سكان المجتمع العربي تفشي السلطة المطلقة السياسية والدينية التي كانت تتحكم في مساراته الثقافية والعبادية حسب رغبات وأهواء هاتين السلطتين فالسلطة السياسية تكتب مايروق لها من التمجيد والتعزيز والسلطة الدينية تمارس أيضا سلطتها لتحقيق مآرب دنيوية .
*- (كاتب ، باحث ، شاعر) رئيس تحرير صحيفة أركان الألكترونية سابقاً * كاتب رأي بصحيفة المدينة *