الإنتقالي يفتح كوة ضوء في وجه الإستقطابات الحادة ، بين ثقافة سياسية ماضوية بل وحتى راهنه ،تتمترس خلف الهوية المختلف حولها ، وبين جماعة ترى في نفسها أصل الأشياء ومادونها كائنات فرعية ، لا تستحق الحقوق المتساوية وربما حتى لا تستحق الحياة.
سعداء أن هناك من يصوب السياسة ،يعيد ترتيب فوضاها ،ينفتح على الآخر ، يراكم مايتخطى معوقات المضي قُدماً ، هذا الإنفتاح الإيجابي جداً للانتقالي مازلنا إزاءه في فسحة إنتظار المخرجات ، لتقييم جدوى هذه الإنعطافة الحاسمة، من سابق الدائرة الضيقة إلى أفق أوسع، ومن الإشتغال على أنصار مشروعه ، إلى تشبيك العلاقة مع من يجب أن يقنعهم بصوابية وعدالة حقوقه، ومن عدالة قضية الجنوب إلى الإقرار بان هناك قضايا عادلة في كل اليمن، -تهامة نموذجاً-، وإن كان الجنوب قضية سياسية بإمتياز.
ما نحتاجه جميعاً هو القفز على المحبطات، ومغادرة الإرتباك والمراوحة في مساحة الشك المتبادل ، والإشتباه تجاه من لا يتطابق كلياً مع فلسفتنا السياسية ، إلى البناء على المشترك : مقاومة الحوثي وترسيخ قيم الحوار والعدالة والحقوق المشروعة ، أي لا إقصاء ولا إكراه ولا دولة تتأسس على الضم والإلحاق والدوس على الحقوق.
ليس وحده الإنتقالي بل كل التنوع السياسي المدني يجب أن ينفتح على الآخر المغاير، أن ينظف ذاكرته وسلوكه من ثقافة التخوين، وإطلاقية من ليس معنا فهو ضدنا ، وأن ينتقل الخطاب من وضع شعبوي ينفي كل من يخالفه إلى العالم الاخر، إلى التحاور والبحث معه عن التوافقات.
الجميع ينتظر الخطوة التالية للإنتقالي ، بالإنفتاح على المكونات السياسية في كل اليمن ، على المثقفين والنُخب دون الحاجة لتقارير أمنية ، تحدد للساسة وصناع القرار من يجب ومن لايجب التحاور معه.
الحوثي لن يهزمه هذا التشظي وحروب المناطق والصراعات البينية ، ولا حتى مشاعر الزهو بإنتصارات القوة الجنوبية ، الحوثي لن يسقطه من معادلة القوة، سوى بنضال مدني وقاعدة رفض عريضة ، تمتد من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال ، نضال مسبوق بتفاهمات حول القضايا العالقة وشكل الدولة وموقع القضية الجنوبية ، حتى لا نغادر حرباً لنفتح على حرب ثانية.
إنتصارات الحوثي في هشاشتنا ، وهزيمته في تجاوز هذه الهشاشة إلى الإمساك بأسباب القوة.