*- شبوة برس – الشيخ طارق نصر (*)
اصبحت المصائب ملازمة لموسم الحج.. ومع هذا لايحاول المسلمون ايجاد حل لمشاكلهم ، فاذا ما وجد المسلمون حلا بسبب مصيبة فستكون المصيبة لهم كما قال سبحانه {قل لن يصيبنا الا ماكتب الله لنا}
والحل موجود وميسور ــ لكنه الجمود الذى اصاب المسلمين فى كل شيء ــ فمثلا فى هذا العام مات مالا يقل عن ثلاثمائة من الحجاج المصريين وحدهم بسبب الحر، والحل يتلخص فى امرين الاول ان الله تعالى لم يفرض الحج الا على المستطيع صحة ومالا فمن افتقد واحدا منهما فلاحج عليه{ ولله على الناس حج البيت لمن استطاع اليه سبيلا}
الامر الثانى ان يقوم المسلمون بتقويم الاشهر القمرية بما يتفق وفصول السنة الشمسية فمثلا اذا ضبطنا شهر ذى الحجة وهو الاخير من السنة القمرية مع شهر ديسمبر وهو الاخير ايضا من شهور السنة الشمسية فحينئذ سيكون الجو معتدلا ولايصاب الحجيج بضربات الشمس التى تؤدى بهم فى فصول الصيف، طبعا السنة القمرية تقل احد عشر يوما عن السنة الشمسية وحل هذه المسالة يكون باضافة شهر للتقويم كل سنتين او ثلاث وهناك حلول اخرى لكن العرب لايقومون شيئا مع ان التقويم موجود عند كل الامم
اما بالنسبة لموسم الحج فقد قال تعالى{ ﴿ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ ١٩٧ ﴾ [البقرة: 197]}
ولكن جعلناه فى واقعنا اياما معدودات، فماذا لو اجتمع علماء الامة ــ الذين يرون ان باب الاجتهاد لايزال مفتوحا ــ وقرروا بناءا على الاية الكريمة وعلى اقرار النبى صلى الله عليه وآله لحج المسلمين فى العام التاسع والتى كانت فى شهر ذى القعدة ان يكون الحج خلال اشهر لا خلال شهر واحد فيتيسر على الناس الحج وقد قال تعالى ﴿ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ ﴾ [البقرة: 185]} لكننا مصممون على العسر ظنا منا ان تلك هى السنة فى حين ان صاحب السنة نفسه لم يخير بين امرين الا اختار ايسرهما مالم يكن اثما ، وقال: انما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين
ثم اين المسلمون من مقصد الحج وقد قال تعالى {ليشهدوا منافع لهم} وهل هناك منفعة اعظم من الحفاظ على ارواحهم وتيسير حجهم
انه الى وقت قريب كانت الفتوى ان رمى الجمرالت لايكون الا بعد الزوال فلما مات الناس وقتلوا بسبب ذلك اباح العلماء الرمى طوال اليوم ــ وان كان الرجم اصلا مختلف فيه ــ وكان الحاج يشم رائحة الجيف عن بعد، قبل ان يصل الى" منى" لان الفتوى كانت انه لابد ان تنحر هديك هناك ــ وان صار جيفة ــ فلما قرر العلماء عمل صكوك وتوكيلات وانشاء مصانع للذبح وثلاجات لحفظ اللحوم انتهت المشكلة
واليوم ضاق الزمان وضاق المكان عن استيعاب الاعداد الغفيرة من الحجاج مع ان الله وسع لنا الا اننا مصممون على ان نضيق على انفسنتا
وحالنا اشبه مايكون بحال من يقول ان النبى سافر للحج على الناقة ولم يحج على طائرة او سفينة والسنة ان نحج على الناقة لانه كلما زادت المشقة زاد الاجر، وان الحج على الطائرة او الباخرة بدعة وكل بدعة ضلالة
*- تخصص تفسير في الأزهر القاهرة