أسئلةٌ كثيرةٌ تطرحها المواجهة القائمة في جنوب البحر الأحمر بين القوات التابعة للجماعة الحوثية المهيمنة على معظم مساحة الجمهورية العربية اليمنية (السابقة)، وبين القوات الأمريكية والبريطانية وشركائها فيما يسمى حارس الازدهار، وهو الازدهار الذي لا وجود له ولا يراه أحد.
السؤال الذي يتغاضى عنه كثيرون هو: هل هي فعلاً مواجهة حقيقية أم هي مجرد مسرحية متفقٌ على سيناريوهاتها مسبقاً بين الطرفين؟ حيث لم تسفر حتى هذه اللحظة إلا عن بعض الإصابات الجانبية نجحت من خلالها الجماعة الحوثية في تقديم نفسها كمدافع أوحد عن القضية الفلسطينية بينما هي لم تصب جندياً إسرائيلياً ولو بخدوش في إحدى اصابعه ولم تهدم حتى جداراً واحداً في احد معسكرات القوات الإسرائيلية مقابل الخسائر التي ألحقتها باقتصاديات البلدان المطلة على البحر الأحمر، والخداع الكبير الذي صنعته للرأي العام العربي والفلسطيني على وجه الخصوص على إنها تدافع عن غزة وتنصر القضية الفلسطينية، زوراً وافتراءً.
ومن بين عشرات الأسئلة الأخرى سؤال مهم هو ما هي الأضرار التي الحقتها الهجمات الأمريكية والبريطانية وقوات الازدهار المنعدم بالجماعة الحوثية؟
الجواب: لاشيء سوى تعزيز التضامن اليمني معها فأمريكا صاحبة أسوأ سمعة في العالم لا تعادي طرفاً حتى تحشد له المزيد من الأنصار الجدد حتى من بين اعدائه الذين لا يرون في أمريكا وبريطانيا إلا معسكراً للشَّرِّ والعدوان.
لكن السؤال الأهم بالنسبة للاستحقاقات الجنوبية والقوى السياسية الجنوبية هو: ما هي الفوائد وما هي الأضرار من التدخل الجنوبي في هذه المواجهة؟
هناك من يعتقد أن تدخل القوات الجنوبية في المواجهة مع الحوثيين في البحر الأحمر سيخدم قضية الجنوب، من حيث التقارب مع الموقف الأمريكي وكسب ودِّ أمريكا والفوز بدعمها لنضالات شعب الجنوب من أجل استعادة دولته!!
وهناك من يرى العكس: وهو أن تدخل القوات الجنوبية في صراع الحوثيين مع التحالف الأمريكي البريطاني هو موقف عبثي لا فائدة منه سوى إنهاك القوات الجنوبية المنهكة أصلاً مقابل لاشيء من المكاسب، سوى منح الحركة الحوثية دعاوي إضافية ضد الجنوب وقضيته هي تتقول بها دونما هذا الموقف الجنوبي.
ولن أتوقف عند الاتهامات التي تقول أن المجلس الانتقالي والقوات الجنوبية المسلحة إنما تنفذ أوامر ما يسمونه (الكفيل أو الراعي).
من أجل المناقشة الموضوعية لهذه القضية علينا التوقف عند الحقائق التالية:
وعلينا أن لا ننسى أن أعداء الجنوب وقضيته ما يزالون يهيمنون على قرابة ثلث المساحة الجنوبية في المنطقة العسكرية الأولى التي تشمل كامل محافظة المهرة وثلثي مساحة محافظة حضرموت، أكبر محافظتين جنوبيين، مما يجعل لهذه المنطقة أهمية أولى متقدمة على أية أولوية ومنها المواجهة في البحر الأحمر التي تشمل مناطق جنوبية مهمة، أعني باب المندب وأرخبيل حنيش وجزر ميون وكمران الجنوبية.
إن الرد على هذا السؤال هو من يحدد مدى المصلحة أو الضرر الذي يمكن أن يحققه موقف الجنوب والقوات الجنوبية من الصراع في البحر الأحمر.
وأخيراً
لا توجد بلد في العالم تقدم هدايا مجانية لأمريكا أو غير أمريكا دون أن يكون وراء ما تقدمه من التعاون أو التحالف أحد أمرين: إما غياب المهارة السياسية، أو الرهان على نتيجة ما تزال في علم الغيب، وفي الحالتين يكون الأمر عبارة عن حالة عبثية لا نتيجة لها سوى الوبال والخسارة المحققة.
والله على ما أقول شهيد