لم تعد الحديدة هي حديدة ٢٠١٨، ولا القوة الموزعة بين الطرفين هي ذات القوة بكفتها الراجحة لغير الحوثي.
طرف شرعي تكلس عند نقطة، وآخر حوثي إمتلك زمام المبادرة واشتغل على جغرافية المدينة بحراً وبراً وما تحت الأرض.
لاشيء تغير في قوام جبهة الشرعية، لا جاهزية ولا ضخ سلاح جديد، ولا إختراقات تعيد الحديدة إلى ذلك العام حين كانت الحراب على بوابة المدينة تلامس أعناق الحوثي ، وكان يعد نفسه لإعلان بيان الوفاة والرحيل ،والبحث عن طريق آمن عبر طرق بوابة السلام بأقل قدر من مكافآت التسوية.
في إطلالة مشهدية على راهن المدينة، تم منح الحوثي سيطرة مستقرة غير قلقة عسكرياً ، مكنته من تجهيز قواته لمعركة طويلة النفس ، إعداداً وتخزين سلاح ، الحديدة أُحيلت إلى مدينة إيرانية وهي نموذج غزة وحزب الله في الأنفاق وشبكة تخزين السلاح والمواجهة وتكتيكات الحرب .
السؤال: طوال الثمان سنوات ماذا أعدّت الشرعية في جبهة الحديدة ، عتاداً وجاهزية وقدرة على خوض معركة الحسم؟.
قطعاً لا شيء سوى الإسترخاء على حائط مبكى المؤامرة الدولية، التي عضدت الحوثي ، وحالت دون إستعادة المدينة ،وشجب ستكهولم وكأن حكومة المريخ هي من وقعت عليه، لا سلطة تحمل عنوان ذات المسمى (الشرعية).
إنجاز موضوع الحديدة مدخل سلام وطي ملف حرب ، ومع ذلك فإن تحويلها إلى ساحة للحرس الثوري ، وتجهيزها لسنوات حرب طويلة الأمد ، خطيئة التطهر منها وتخطيها تستوجب بالضرورة فرض مقاربة رقمية بين قوات الشرعية والحوثي ،وصولاً إلى حالة من التوازن ومن ثمة التفوق، لفرض معطيات مغايرة في ميدان المعركة ،وبالنتيجة في موضوعة السلام.
إذا كانت الحديدة وتحريرها مصلحة وطنية إقليمية دولية ، فإن غياب الدعم الإقليمي الدولي بالسلاح واللوجستيات ، تجعل من الحوثي خطر مستدام ، وتجبر المصالح الدولية أن تمر قسراً عبر بوابة طهران، وتمرر إيران إلى عمق تفاصيل المنطقة.
من غير قراءة في فارق التسليح والجهوزية القتالية بين حديدة ٢٠٠١٨ والآن، فإن الدخول بمعطيات وهم قوة الأمس لا واقع اليوم، مع الحوثي بمواجهة غير منتجة نصراً ، من شأنه أن يعمق الإحباط الجمعي ويكرس الحوثي حاكماً إلى الأبد.