بحزن عميق تلقيت نبأ وفاة الصديق والزميل السفير الدكتور عادل عفيف البكيلي رئيس اتحاد الطلاب العرب السابق، والخبير في القانون الدولي والسفير الجنوبي السابق لدى عديد من الدول والمنظمات الدولية.
تعرفت على د. البكيلي في منتصف الثمانينات من القرن الماضي في العاصمة السورية دمشق الجميلة حينما كان يشغل منصب رئيس اتحاد الطلاب العرب ونائب رئيس الاتحاد الشبابي العربي وكنت حينها عائداً من أحدى العطل الصيفية إلى العاصمة البلغارية صوفيا لمواصلة دراسة الماجستير .
كنت قد سمعت عنه، لكن لقائي به مكنني من الاقتراب من عوالمه وثقافته والقيم الأخلاقية التي يتمسك بها.
أخذني بسيارته في جولة في أحياء وحارات دمشق المدهشة وصعدنا جبل قاسيون الأخاذ وشاهدنا دمشق تتمدد عند قاعدة الجبل وتفتح ذراعيها لكل من يحل بها مقيماً أو عابراً، وشربنا القهوة هناك وتحدثنا كثيراً في قضايا السياسة والهم الطلابي وتعرفنا على بعضنا أكثر.
بعد العام ١٩٩٤م انقطعت اتصالاتنا فقد صارت المكالمة الهاتفية تتطلب رصد موازنة خاصة في زمنٍ تسيد فيه العوز والشظف وتراجعت فيه الروابط الإنسانية ، اقلها بسبب محدودية القدرات المادية ، دعكم من العوامل والأسباب الأخرى وما أكثرها.
وبعد العام 2003م استأنفنا تواصلنا من خلال الاتصالات والرسائل المتبادلة خصوصا بعد اتساع دائرة وسائل التواصل الاجتماعي.
فكان يبعث منشوراته وٱراءه وتعليقاته على منشوراتي ويخصني بالرسائل الصوتية،
ومؤخراً عرفت من خلال الاتصالات إنه يعاني من مشاكل الشبكية في العينين،
وحينما قضيت إجازتي الصيفية في عدن في صيف العام ٢٠٢١م زارني إلى الفندق بمعية الأستاذ الفاضل محمد النقيب، صاحب مستشفى النقيب بعدن، كما تشاركنا، د بكيلي وأنا مع الزميل الدكتور اللواء علي العولقي وأخرين ندوةً للمجموعة الاكاديمية بجامعتي عدن ولحج بدعوة من الزميل الدكتور حسين العاقل رئيس تنسيقية المجلس الانتقالي لمجموعة الأكاديميين.
وفي كل المرات وجدته ما يزال ذلك العادل الذي عرفته في مدينة دمشق قبل ما يقارب أربعة عقود، مع اتساع معارفه واكتساب المزيد من الخبرات الدبلوماسية والسياسية.
الفقيد الدكتور عادل بكيلي كفاءة إدارية وكنز معرفي وخبير متمرس في القانون الدولي على وجه الخصوص، فضلاً عن كفاءته السياسية وخبرته الإدارية والدبلوماسية،
وهو ليس فقط كل هذا، بل إنه يتمتع بروح وطنية عالية مؤمنة بقضايا الحق والعدل والإخاء بين سائر البشر رافضةً للتعالي والقهر والظلم والفساد والاستبداد.
كان قد باح لي بسر اقتراب التعاقد مع إحدى المنظمات الدولية للعمل لديها كمستشار قانوني، لكنه المح أن هذا سيتم بعد معالجة اعتلال الشبكية، بيد إن الأقدار لا تضع اعتباراً لنوايانا ورغباتنا وما نتطلع إليه من أعمال.
حزني كبير على فقدان هذا الصديق الودود، والكنز المعرفي والقانوني، وكم تمنيت لو يستفاد من وجود هذه الثروة المجانية من الخبرة والمهارة في معركة الجنوب من أجل استعادة الدولة خصوصاً وإنه من المؤمنين بحتمية وجدوى عودة اليمنيين إلى نظام الدولتين واستعادة الدولة الجنوبية لمكانتها التاريخية بعد فشل تجربة الاتحاد
الطوعي بين الدولتين وقد كرس كل كتاباته ولقاءاته المتلفزة والمكتوبة ومقالاته الاخيرة وبحوثه لهذه القضية، وبخبرته القانونية ظل يشير إلى اتفاقية فينّا الاتفاقات بين الدول، والتي تنص في إحدى موادها على إنه إذا ما تنكرت إحدى الدولتين المتعاقدتين أو خالفت الاتفاقية المعقودة بينهما فإن من حق الدولة الأخرى إعلان الخروج من هذه الاتفاقية واعتبارها كأن لم تتم، وهو ما ينطبق على الوضع القائم بين دولتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية في ما يخص اتفاقية 30 نوفمبر 1989م حول الوحدة بين البلدين.
لقد خسر الجنوب واحداً من أفضل الكوادر الوطنية والقانوية والدبلوماسية، وخسرتُ شخصياً صديقاً ورفيقاً وزميلاً عزيزاً من الصعب تعويضه.
إنني بهذا المصاب الجلل أعزي أسرة الفقيد الكبير وأولاده واخويه شمس الدين وفاروق البكيلي وجميع ٱل البكيلي وكل أصدقاء الفقيد وزملائه ومحبيه.
وأبتهل إلى الله العلي القدير ان يرحمه ويغفر له ويتوب عليه ويسكنه فسيح جناته
وإنا لله وإنا إليه راجعون.