شكا ناصر الخبجي رئيس وحدة المفاوضات من عدم إطلاع المجلس الإنتقالي وجميع الأطراف، على طبيعة القضايا التي ناقشتها المحادثات السعودية الحوثية ، مايفتح قوس لعلامات التعجب، ويدفع المراقب للشأن اليمني إلى إعادة تقييم الموقف ،على خلفية السؤال حول ماهية القوى المنخرطة بالصراع، هامش إستقلاليتها ، كيفية تعاطي السعودية معها ، وهل هي في قلب التسوية أم تم القذف بها إلى هامش المحادثات؟
يبدو أن السعودية صادرت حق كل الأطراف في الشراكة ، وأختزلت تعدد القوى بذاتها ٫ وباتت لسان حال الجميع ،تفاوض نيابة عنهم وتقر جداول المحادثات من خلف إرادتهم السياسية ، وتصيغ التفاهمات خارج مشاريعهم وما يرونه حقاً لهم يجب إن يُستعاد.
إذا كانت السعوديه تسعى لتقديم نفسها كوسيط وليس كطرف في الحرب فألف باء الوساطة إشراك الأخر لا تغييبه والقفز على حقوقه ومصالحه، وإستبدال الكل في ممثلين إثنين المملكة من طرف والحوثي من طرف آخر.
في تصورنا إن الرياض تسعى إلى ترتيبات ثنائية مع صنعاء، ذات صلة مباشرة بملفاتها الأمنية، أما ما ستدفعه من أثمان مقابله فهو إقتطاع من حقوق الأطراف الأُخرى: حقهم في الشراكة في المفاوضات ووقف تغول الحوثي شمالاً ومحاولتة التمدد جنوباً ، وعدم جعل الثروات عبارة عن رشى وترضيات ، تلّين موقف الحوثي وتشتري منه سلاماً ، بيده حق تفعيله او النكوص عنه والعودة للغة التصعيد والحرب .
في سياقات التهميش والإنفراد، إذا قبلت الشرعية من موقع الضعف هذا الوضع الملحق، فالجنوب ليس بنك إحتياط ودكة إنتظار ،يمكن إستدعاءه إذا مافشلت المفاوضات في نقطة تصادم ما ، هو طرف أصيل في أي تفاهمات وشريك فاعل في الحرب، ينبغي أن تتجسد شراكاته وإنتصاراته حضوراً على طاولة المفاوضات.
لا يخسر الجنوب وحده في هذا الإقصاء غير المبرر عن أجواء محادثات الرياض الحوثي، السعودية تضحي بورقة القوة الوحيدة في معادلة الصراع ، وبالتالي على المدى القريب والإستراتيجي هي أيضاً تخسر.