ما من إعلامي من جماعة تحالف ١٩٩٤م أو سياسي من نفس هذا التحالف ممن يتناولون القضية الجنوبية ومطالب الشعب الجنوبي، باستعادة دولته، إلا وينتقل إلى تذكير الجنوبيين بأنهم لو استعادوا دولتهم سيتقاتلون فيما بينهم، وعند ما تسألهم عن سبب يقينهم هذا لا تعجزهم الوسيلة، إذ ليس هناك طريقٌ لتكرار هذه المعزوفة البالية أقصر من القفز إلى ١٣ يناير، وكأن التاريخ الجنوبي قد تكثف في ١٣ يناير واختزل هناك، وليس للجنوب من تاريخ سوى ذلك اليوم الذي حولوه إلى أيقونة يتغنون بها متجاهلين عقوداً وقروناً وعصوراً من عمر التاريخ الجنوبي بحضاراته وأمجاده وأنبياء الله فيه ورسله ونضالاته من اجل الحق ودحض الباطل، فأغنية ١٣ يناير هي معزوفتهم المفضلة ولا شيء سواها.
يتخذ هؤلاء المتذاكون من ١٣ يناير فزاعة لمنع الجنوبيين من الحديث عن مظالمهم والتمسك بحقوقهم، وهم يعلمون أن ابسط مقارنة بين تاريخ الجنوب، وتاريخ الشمال الشقيق تصب في غير مصلحتهم لكنهم يهربون من قراءة تاريخ أسلافهم ونخبهم السياسية والعسكرية والقبلية.
نحن لا نتشفى بأحد لكننا نذكرها أن أية مقارنة بين تاريخ الجنوب والشمال تكشف لنا أنه إذا كان لدى الجنوبيين ١٣ يناير واحدة، فإن تاريخ الطبقات السياسية في الشمال فيه عشرات الينايرات، منذ حرب الثماني سنوات في الستينات القرن الماضي حتى مقتل الشهيد الحمدي، ثم حملة تدمير الحجرية، فحرب المناطق الوسطى، وجرائم حرب ١٩٩٤م حتى حرب العشر سنوات في صعدة واخيراً حرب التسع سنوات التي ما تزال مستمرة حتى اليوم.
نعم لقد شرع الجنوبيون في تقييم تاريخهم ليكتشفوا مواطن الضعف وأسباب الإخفاقات بما فيها الصراعات السياسية الداخلية، ومثلت ظاهرة التصالح والتسامح الجنوبيين خطوة على طريق تصويب تلك الأخطاء غير الهينة، وهذا ما يفرض على الجنوبيين ان يواصلوا القيام به لبناء مستقبل جنوبي خالي ثقافة الكراهية والحروب السياسية،
لكن الذين يستمتعون باستدعاء الصراعات الجنوبية-الجنوبية لا يفعلون ذلك بدافع الحرص على الجنوب والجنوبيين بل بدافع الرغبة في مواصلة إذكاء الصراعات الجنوبية وتغذية مسبباتها ليستر الجنوبيون في الانشغال بمواجهة بعضهم حتى يواصل هؤلاء الهيمنة على مصير الجنوب والجنوبيين والعبث بمقدرات وأرض وثروات وموارد الجنوب، حتى وهم هاربين خارج ديارهم عاجزين عن زيارة مساقط رؤوسهم.
أكرر مرةً أخرى
نحن لا نتشفى بأحد وأكثر من هذا لا نتشفى بشعبنا الشقيق في الجمهورية العربية اليمنية، (الشمال سابقا) فالشعب هو ضحية فشل نخبه السياسية وانصراف قياداتها نحو مصالحها الضيق والفئوية والقبيلة والعشائرية وفوقها الذهبية البغيضة التي غدت اليوم ابشع حقيقة تطل بقرونها وانيابها ومخالبها، وهي من سيتحكم في تحديد ملامح مستقبل الشعب الشمالي المغلوب على أمره، بينما تنشغل مؤسساته الإعلامية بالجنوب والجنوبيين وكأن النظام الكهنوتي لم يعد يشكل هديها أي خطر.
لكننا نقول لهؤلاء المتشدقين، كفوا عن الانشغال بالجنوبيين ومحاولة تذكية الصراع بينهم، فلن تنجحوا في محاولاتكم البائسة هذه، وحتى فو نجحتم في هذه المحاولات الحمقاء فلن تستفيدوا شيئا، ولن تحرروا بلادكم من هيمنة السلالة بهذه الوسيلة، وننصحكم بالانصراف نحو البحث عن وسائل تكشف لكم أسباب هزائمكم إمام شرذمة لا تتميز عنكم بشيء إلا بالإجهار عن مقصدها وكشف حقيقتها واستغلال غباء نخبكم السياسية وفسادها وعجزها ، فقط ولا شيء غير ذلك.
وقل "جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً".