لدي شعور ان مقالي هذا سيرفع الضغط لدى القيادات السياسية الجنوبية !! ولأن المرحلة تتطلب ذلك فلا مانع سنحضر لهم المسكنات .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
من المعلوم ان الفكر السياسي لدى البشر يعتمد اساسا على السلوكيات والتجارب التي تمر بها الامم عبر مراحل التاريخ المختلفة ، الى جانب التلقين العلمي في الجامعات والمعاهد التي تعنى بالعلوم السياسية ، وقد يكتسب من خلال الممارسة العملية للوظيفة العامة او المركز الحزبي والوظيفي.
لذا فان الفكر السياسي يستند على قواعد عامة وسلوكيات خاصة تتحكم في تفكير الفرد وتنمي فكره السياسي ، وفي مختلف المجتمعات تجد السياسي الذكي والمتسيس الغبي !! والذي لايعرف حتى ابجديات السياسة ومبادئها العامة ويشغل منصب مهم ويمثل دولة وشعب.
ومما لاشك فيه ان معظم القيادات الجنوبية قد نهلت الفكر السياسي من منابعة الاصلية اما تعلما او ممارسة اوحتى وراثة ، لكن الحالة العامة الحالية والضروف اليوم ثبتت ان هناك ازمة حقيقية لدى بعض تلك القيادات (وليس كل) فيما يتعلق بكيفية ادارة شئون الجنوب في الوقت الحاضر والمرحلة المقبلة لدرجة ان المرء يصاب بصدمة عندما يسمع ويرى مواقف لتلك القيادات وكأنها تعيش في كوكب اخر غير الذي نعيش فيه وتستغرب كيف يفكر هؤلاء .
لكن يبدو أن تراكمات الازمات المتلاحقة التي كانت تعصف بالنخبة والقيادة السياسية في الجنوب وثقافة الانقلابات والإقصاء اثرت تأثيرا بليغا في فكرها السياسي ، بل ان بعض العقليات والمفاهيم تبرمجت على هذه الطريقة ولا تريد ان تبدلها او تحيد عنها قيد أنملة .
لذلك فمن الصعوبة بمكان تغيير العقيدة السياسية لدى هذه الفئة طالما ظلت تلك المفاهيم متربعة على العقول. ومن البديهي في معظم الاحيان ان ترى العقيدة السياسية تتقارب مع العقيدة الدينية في تمسك الفرد بها واخلاصة لها لأن في اعتقاده انها هي الصح وغيرها الخطأ ! وهذا الأمر نراه واضحا وظاهرا في العقيدة الدينية ويظهر ويختفي في المعتقد السياسي.
ففي المعتقد الديني مثلا تجد بروفيسور في الهند من طائفة معينة يعبد الحيوان( البقرة )!! ولو اتيت له بحجج الدنيا لن يحيد عن معتقده ولو كان خاطئا بل انه في قرارة نفسه يعي ان هذا الحيوان لن ينفعه ولن يضره لكنها العقيدة !!، وفي الجانب الآخر تجد السياسي يتعصب لفكر معين او رأي مخالف ( وقد يسجد للبقرة من اجل مصلحة ذاتية )!! اوتعصبا أعمى قد يجهل نتائجه لكنه يسير على نهج الاسلاف حين قالوا (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون).
والشاهد مما سبق ان بعض القيادات الجنوبية تنهج نفس النهج المتعصب ولا تريد الا ماتراه ( ما اريكم الا ما ارى وما اهديكم الا سبيل الرشاد ) .
اذا هناك خلل في الفكر السياسي لدى هذه الفئة وتعاني من ازمة حقيقية في فكرها السياسي وفهمها لمتطلبات المرحلة الحاضرة وما تقتضيه المصلحة العليا لشعب الجنوب .
من المعيب ان تغيب قيادات الصف الاول والثاني عن المشهد السياسي الجنوبي نهائيا في وقت حرج كهذا ومهما بحثوا عن أعذار فلن يجدوا !!
ان مشكلة الخلافات بين القيادات السياسية عميقة في عقولهم وضحله امام مصلحة شعب وبناء دولة. لكن المستغرب في كل هذا رغم ازمة الفكر السياسي هو ان احد منهم لم يجسر على التقدم للأمام وقيادة نضال الشعب !! امر غريب فعلا .
نحن اليوم نقف في مفترق طرق ولابد من المبادرة الى توحيد الجهود ورص الصفوف لمواجهة التحدي الكبير ، ولابد لهذه القيادات ان تتقدم او تتأخر فلا مجال للتسويف والمماطلة ..
والوقت اليوم ليس للتثقيف السياسي فمن عاش طيلة الفترة المنصرمة وهو يفكر بطريقة ( ال انا ) ويرى الأخرون لا يفهمون شيئا نعتقد ان اصلاحه ضربا من الخيال والمستحيل ويجب تجاوزه لان الجنوب ليس ملكية خاصة لزيد او عبيد ، بل يجب عليه ان يتنحى ولا يقف عقبة في طريق شعب الجنوب وقضيته العادلة .
المرحلة تحتاج الى مبادرة في العمل وتوافق شعبي وقيادي والى تقديم مصلحة عامة على مصالح الاشخاص والاحزاب .
والمطلوب من القيادات الجنوبية موقف محدد وواضح مما يجري اما ام تتقدم مجتمعة او تتأخر وتترك المجال لمن باستطاعته قيادة المرحلة فلكل زمان دولته ورجاله .
والسلام
*- هذا المقال ليس جديد كتبته في ١٥ نوفمبر ٢٠١٥م
لكنه بحاجة إلى إعادة القراءة.
*- عبدالله سعيد القروة
16/11/2015