تمثل الدعوة التي اطلقها المجلس الانتقالي الجنوبي إلى خوض حوار وطنيٍ جنوبي شامل على مستوى الداخل والخارج، خطوةّ شجاعةّ ومسؤولةّ تستحق التوقف إزاءها بكل حرص ومسؤولية من جميع الاطراف والمكونات والشخصيات الجنوبية المعنية بحق الجنوبيين في استعادة دولتهم واختيار مستقبلهم الحر المستقل.
مثل جميع المبادرات السياسية ستتعدد المواقف وتتباين ردود الافعال وهذا امر طبيعي ومتوقع، لكن غير الطبيعي ان تأتي بعض ردود الأفعال متشنجة ومصحوبة بشحنة من الاتهامات وعبارات التخوين والتهجم والحديث عن مؤامرة وما يصحب ذلك من المفردات المتشنجة والخالية من أي مضمون إيجابي ولو على صيغة تقديم بدائل ملموسة وعملية لما يرفضه الرافضون ويعترض عليه المعترضون.
لقد سادت الساحة الجنوبية حالات مطولة من الجدل، ظلت تشدد على أهمية رص الصف الوطني الجنوبي، وشد اللحمة الوطنية وتوحيد الطاقات الجنوبية المواجهة التحديات الكبيرة التي تنتصب أمام الجنوبيين كل الجنوبيين بلا استثناء، وأهمها الوصول إلى صيغة وطنية موحدة ورؤية مشتركة لمرتكزات السياسة وادوات التكتيك الجنوبيين للعمل عليها من قبل كل المنشغلين بالشأن الوطني الجنوبي، وتمخض كل هذا عن تكوين فريق الحوار الوطني الجنوبي من قبل هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، وهي الهيئة التي انجزت الكثير على طريق إنجاز ميثاق شرف جنوبي، يوحد الجميع حول عددٍ من القواسم المشتركة الرئيسية فيما يتعلق بالمستقبل الجنوبي.
وفي سياق الحديث عن الحوار الوطني الجنوبي، يمكنني التأكيد على القضايا والحقائق التالية:
1. مما عرفته من القائمين على الإعداد لمؤتمر الحوار الوطني الجنوبي، أنه حتى اللحظة لا توجد آية صيغ جاهزة او اشتراطات اولية وأن أجواء اللقاء ستكون مفتوحةّ لجميع المشاركين هيئاتٍ او افراداً لتقديم الرؤى والتصورات والأفكار والمبادرات.
2. إن المشاركين في المؤتمر هم شركاء أنداد متكافؤون يتقاسمون العموم والتحديات ولا يتحاصصون في الغنائم والمكاسب، لأن لا غنائم ولا مكاسب إلا ما ستحصده جماهير الشعب الجنوبي كله، وبنفس الوقت لا يوجد صغير وكبير ولا تابع ولا متبوع في العملية الحوارية، وأن القاسم المشترك الاعظم بين الجميع هو الوصول إلى ميثاق شرف وطني جنوبي بشأن المبادئ الأساسية التعامل مع تحديات ما قبل استعادة الدولة.
3. إن من حق جميع المكونات والافراد والقيادات والشخصيات الوطنية والاجتماعية والثقافية الجنوبية أن تشارك أو ترفض المشاركة في العملية الحوارية، لكن ليس من حق أحد تخوين واتهام الٱخر، فلا المشاركين مفضلون على المقاطعين ولا المقاطعين متميزون عن المشاركين، أما سياسات التهجم والاتهام والتحريض والشتيمة فهي لا تعبر عن أية روح مسؤولة، ي
بقدر ما يمكن أن تعبر عن حالة من الإفلاس والعجز عن الفعل والمبادرات وفشل في التفاعل مع ديناميكيات الأحداث ومتغيراتها العاصفة والمتسارعة.
4. الذين يشككون في مبادرة المجلس الانتقالي ويتساءلون: لماذا الانتقالي دون سواه هو من يدعو لهذه العملية الحوارية يمكن القول إن احداّ (فرداً كان أم كياناً سياسياً) لم يبادر لمثل هذه الدعوة ولم يسعَ لحشد الٱخرين لفعالية كهذه ولو فعل احدً أمراّ كهذا لقوبلت مبادرته بالشكر والثناء والتفاعل الإيجابي.
5. إن قضايا البناء القادم لمنظومة الحكم وشكل الدولة وموضوعات الحصص والغنائم وغيرها مما يشغل باب بعض السياسيين ومكوناتهم، ليست من حق المؤتمر، بل إنها امورٌ سيحددها الدستور الجنوبي الذي لا بد أن يكون موضوعا الاستفتاء وطني عام بعد إعلان استعادة الدولة وليس قبله.
وختاماّ
ادعو كل أهلي ورفاقي وزملائي ومن يتفقون او يختلفون معي، إلى الالتحاق بقطار الحوار الجنوبي، والانخراط في العملية الحوارية التي على مخرجاتها يتوقف مصير الجنوب ومستقبل أجياله القادمة، وأقول للجميع ما يلي:
إن أعداء الجنوب وخصوم قضيته العادلة يتقاتلون ويتنازعون ويتبادلون الاتهامات والحملات الإعلامية ، لكنهم يتوحدون عندما يتعلق الأمر بقضية شعب الجنوب ومستقبله السياسي، أفلا تستحق منا نحن أن نتوحد حول قضيتنا التي هي سبب لتوحيد خصومنا السياسيين،
لست من محبي الاتهامات والتشكيكات،
لكنني أسأل الإخوة الذين يدعوننا إلى مقاطعة الحوار ويهددون بمعاقبة من يشارك فيه: ماذا ستحصدون من ثمار جراء هذه المقاطعات؟، وما هي أجنداتكم البديلة الحوار الذي تقاطعونه وترفضون نتائجه قبل انطلاقه؟ ولن اسأل: من ستخدموت بتعطيل تقارب الجنوبيين واتفاقهم حول قضيتهم؟
وفق الله الجنوب لما فيه خير ابنائه وتأمين المستقبل الأفضل لأجياله .
والله من وراء القصد