هل يحق لشعب الجنوب التخلي عن دولته؟!

طبعاً لا، قطعياً.. لأن كل دولة في العالم تتكون في الأصل من الأرض والشعب معاً. وليس أي شعب، بل الشعب الثابت على أرضه المشتركة باعتبارها رقعة جغرافية محددة ومعروفة لدى الغير.

وإذا كان شعب الجنوب -على مدى أجيال متعاقبة- قد وجد نفسه مالكاً للأرض التي يعيش عليها، فإنما هي أرض السابقين؛ وما تُركت له إلا لكي يأتمن عليها لمن بعده من الأجيال القادمة.

ومثلما لا يستطيع الإنسان السوي أن يفرط بحق أحفاده في الحياة، فإنه لا يستطيع أيضاً أن يفرط بالأرض التي سيعيش عليها أولئك الأحفاد من بعده.

وللتوضيح، يمكننا القول أنه بالرغم من أن بريطانيا قد احتلت أرضنا فترة 129 سنة، إلا إن الأجيال المتعاقبة قد ظلت ثابتة على الأرض ومُقاومِة للاحتلال، إلى أن تمكن "جيل الثورة" من استعادة السيادة على الأرض.

والمقصود -هنا- باستعادة سيادة الدولة، هو استعادة حق الشعب في السيادة على أرضه. وقد كان ذلك بمثابة "حق مكتسب لنا كأمّة ألتأم شملها لأول مرة بعد زوال عوامل التشتت عنها".

وبهذا الحق تمكن الشعب من إقامة حكومة وطنية على أرضه لتمثل سيادته عليها، وبالتالي تمثل الركن الثالث من أركان الدولة الوطنية المستقلة (الأمة) بعد أن ظلت قائمة على ركنيها الأساسيين: "الأرض والشعب"، بينما الثالث كان تابعاً للاستعمار.

وعليه، اُوصي قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي بأن يكون خطابها السياسي محدِّداً للهدف بدقة، وبدون اتاحة أي فرصة لتأويلات الأعداء، كقولهم -مثلاً- إن استعادة الدولة يعني استعادة النظام السابق، بينما الحق أننا نريد استعادة الركن الثالث لدولة الجنوب، ونحرص أن يكون "حكومة جنوبية خالصة".

د. عبيد البري

عدن 10 أبريل 2023م