من يفقد كرامته يهون عليه بيع وطنه!!

2023-03-13 05:38



نعم إن من سقطت كرامته في وطنه يسهل عليه بيعه ويفشل في الدفاع عنه كما يدافع الرجال ويهرب خارج وطنه ولن يسترده إلا بالدم والحديد والنار . ونقول لهؤلاء الفارين من اليمن ومعهم كل الذين يقلقهم العيش داخله تحت وصاية الحوثي ، ويتحفزون من جديد لغزو الجنوب كما سبق عام 1994م وعام 2015م ليتخذوا منه وطنا بديلا لهم فإننا نقول لهم أنتم واهمون وستظلون بلا وطن ولا هوية إن لم تستردوا وطنكم من عصابات الحوثي !!



والسؤال المطروح هو: لماذا نعيش معشر العرب في المنافي والتشرد ونهرب من أوطاننا في حين نجد الرجل الغربي لا يعيش في المنافي ولا حتى يهاجر قسرا خارج وطنه ويظل بعيدا عن الحروب وبلاده ليست عرضة للتقسيم أو الاجتياح بالغزو ولديه من رصيد الكرامة ما يكفيه ويزيد ، حقوقه مصانة والقانون يطبق على كل من حوله بالتساوي كأسنان المشط، لا ينام منزعجا من قرار، ولا يستيقظ على انقلاب ولا يموت كمدا لأنه لم ينتخب الأغبياء لكي يمثلونه في موقع المسؤولية، وهو مطمئن على أمن وطنه وسلامته وتقدمه وازدهاره ولديه رجال في مواقع المسؤولية إن كذبوا يعتذرون بل ويستقيلون !!



وزير الخارجية الهولندي "هالبي زيلسترا" قدم استقالته لأنه أقرّ بالكذب ، حول حادثة جرت قبل 12 عاما؛ عندما ادّعى أنه حضر اجتماعا مع الرئيس الروسي بوتين وهو لم يحضره!! القصة برمّتها غير مهمّة، ولا تستدعي جلسة طارئة للبرلمان، فنحن يوميا على الصعيد الشخصي نكذب مثلها ألف مرّة، ثم إن الخبر الذي كذب به الوزير "هالبي" لا يضر بمصالح بلاده ولا يورطها بقروض طويلة الأمد وفوائد عالية النسب، ولا تهدد الأمن القومي، ولا تدمّر الاقتصاد.. هي كذبة لطيفة لا يفرق جدّها من هزلها، فلماذا انزعج الرجل إلى هذا الحد وأنّب ضميره إلى هذه الدرجة وقدّم استقالته للملك وأنهى مستقبله السياسي..؟!

ونقول له : ما قمت به يا رجل لا يذكر أمام ما يقوم به المسؤول العربي كل نهار، ولا يعترف رغم تراكم الأدلّة ضدّه !!



وفي خبر آخر استقال الوزير البريطاني "مايكل بيتس" لأنه تأخر عن جلسة البرلمان خمس دقائق، ولم يتمكّن من سماع الأسئلة الموجهة إليه، حيث نوقشت بغيابه فشعر بالإحراج، وقال بأنه لا يستحق أن يكون في هذا الموقع.. تخيّلوا الوزير البريطاني يشعر بالحرج لأنه لم يجب على سؤال وجّه إليه؟؟



وزير يستقيل لأنه كذب قبل سنتين.. وآخر يستقيل لأنه تأخر خمس دقائق.. أي جنون هذا وأي احترام للدولة والوطن هذا!!؟

اما نحن في بلاد العرب فقد كذبوا علينا حتى ملّهم الكذب، أقسموا أن يحرسوا الوطن فخانوه وسرقوه، أقسموا على خدمة الأمة فاكتشفنا "خدعة" الأمة، قالوا إننا سنلمس التحسن الاقتصادي قريبا، فمضت عقود والاقتصاد من سيئ إلى أسوأ، وتدهورت العملة ولم تتحسن بينما أرصدتهم وحساباتهم الخاصة في بنوك الخارج هي التي تضاعفت اما المواطن فقد اجتاحته موجات البلاء والغلاء !!

وكانت المحصلة فقد الوطن ، وفقد الهوية، وفقد الأمن والأمان ، ضياع الوطن يعني الهوان، والشتات، والغربة، والحسرة على مرابع الصبا وذكريات الطفولة والشباب .



لقد ذكر لنا التاريخ على اختلاف دوله وعصوره نماذج مأساوية لفقدان الوطن، وما تعرض له فاقدوه من ذل وهوان، ففقدان الوطن يجعل السادة عبيدا، والأعزة أذلة، والكبار صغارا، ولا يعوض فقدان الوطن لا مال ولا ولد، ولا جاه مع تأكيدنا على ضرورة التنبه لخطورة الخونة والعملاء والمأجورين لتخريب بلادهم وأوطانهم، فهم كما وصفهم الشاعر العراقي الكبير الملقب بمتنبي القرن العشرين محمد مهدي الجواهري، حيث يقول :

ولقـــــد رأى المستعمِرونَ فرائسًا

منَّا، وألفَوْا كلبَ صيــــدٍ سائبا!

فتعهَّدوهُ، فراحَ طـــــــوعَ بَنانِهمْ

يبرُونَ أنيابًا له ومَخــــــــــــــــالبا

مستأجَرِينَ يُخـــــــــرِّبونَ دِيارَهُمْ

ويُكافئونَ على الخـرابِ رواتبا

فخيانة الأوطان أشد ألوان الخيانة والغدر، وهي جريمة في حق الدين والوطن، والأهل، والشرف، والعرض، والمروءة، ذلك لمن كان له عرض أو شرف !!

وعار على أوطانهم وأهليهم وأنفسهم, كما أن الدول التي سقطت عبر التاريخ إنما سقطت بمعاونة العملاء والمأجورين .

وأخيرا أقول لكل الأحرار :

عندما يصبح الحاكم جلادا، ووزيره سمسارا، والشعب رؤوسا في مزرعة، والعدالة موسمية.. فتأكّد أنك لم تعد في وطنك.. أنت في معتقل تسيّجه الأحلام الشائكة!!

د . علوي عمر بن فريد