اختراق

2023-03-11 03:31



اليوم ١٠ مارس ٢٠٢٣ وبعد سلسلة مباحثات بينهما في بغداد ومسقط ، وقعت السعودية وإيران في بكين وبرعاية صينية على إتفاق بينهما ، يكسر الجمود في العلاقات ويحدث إختراقاً هاماً في عديد الملفات أهمها الحرب في اليمن.

ومع أن المفاوضات السابقة في بغداد ومسقط كانت على مستوى مادون السياسي ، إلا أنها أنتجت ماهو أبعد من جس النبض وأنضجت إتفاقاً على قدر كبير من الأهمية ، يصل حد إستئناف العلاقات الدبلوماسية وتطبيع العلاقات ، وتسوية ناشزات القضايا الأمنية ، وإحياء إتفاق ٢٠٠١ الأمني ، والإقرار بإحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها الداخلية ، مقابل مكاسب أقتصادية تتحصلها إيران، والإعتراف بمصالحها ومجال نفوذها الجيوسياسي .

من دون أدنى شك أن اليمن مقبل على فترة سماح من تبعات الحرب ، وإن ملف الصراع بهذا الإتفاق يكون قد دخل منعطفاً جديداً ، يقرب مراكز القرار الإقليمي والمحلي المنخرطين بالصراع ، أكثر نحو طاولة التفاوض وإخراج تسوية تم التوافق عليها دولياً وبين الحواضن الممولة للحرب.

من خلال تسمية الطرفين المتفاوضين في بكين ، ومعرفة وظيفتهما الأمنية الكبرى ، يتبين أن القضايا ذات الصلة بالأمن أحتلت رأس جدول المباحثات ، وإن تسوية على قدر كبير من الأهمية قد تم إنجازها ، تضمن أمن السعودية مقابل الإقرار بالمجال الحيوي لمصالح طهران في اليمن والمنطقة ، ولا تخلو هذه التسوية من جوائز ومنافع إقتصادية ، تخفف حالة العزل التي تعيشها إيران والحصار الإقتصادي ، وتعيد دمجها في دورة إقتصاديات المنطقة.

ماسنشهده قريباً كتراجيع لصدى هذا الإتفاق ، هو إنجاز هدنة بمكافآت لصنعاء، والتفكير الجدي بإحياء مفاوضات الحل النهائي ، والترتيب لطاولة مفاوضات تنتج تسوية تم صياغة بنودها في عبر الدولتين الإقليميتين ، وبدراية تامة من واشنطن ولندن وموسكو وبكين والدول المتداخلة بملف الحرب في اليمن.

البيت الأبيض رحب بإتفاق بكين ، وأكد أنه في جو الحوارات التي جرت ، روسيا هي الأُخرى ليست خارج هذه المباحثات ، وكذا حال عديد من الدول ، ما يسقط عن نتائج هذه المفاوضات مخاوف ومخاطر اجهاضها على خلفية التنافس الدولي ، أو يعطل مفاعيلها بهدف حرمان بكين من نصر دبلوماسي سياسي دولي ، بما لذلك من تكثيف حضورها في المنطقة سياسياً وإقتصادياً، وبعبارة محددة هذه الإتفاق قابل للحياة ، غرفة عملياته الصين وسقفه واشنطن وموسكو و أوروبا ، وبالتالي هو خارج الحرب الباردة والتنافس الدولي ، ولا خوف عليه من وأده إمريكياً.

إتفاق بكين يؤكد ثانية وللمرة الألف أن الحرب في اليمن إقليمية، وأن جميع أطرافها أدوات وأكتاف بندقية ، ولإنها كذلك فإن الحل خارج اليمن وربما ضد مصالح اليمن.

*- خالد سلمان