هناك فرق بين الحجة والشتيمة، فالحجة يمكن ان تفحم خصمك، فيما الشتيمة تحسب عليك لا لك، وهذه مسألة بديهية لا تحتاج الى ناصح.
منذ سنوات، وقبل اعلان قيام المجلس الانتقالي الجنوبي، كان يقال لنا ان القضية الجنوبية قضية عادلة، لكن المحامي غائب، واليوم لا نريد ان يؤدي الخطاب الإعلامي المنفلت الى افشال هذا المحامي وادخاله في مغامرة خصومة مع اي طرف، اقليمي او دولى، فالتباينات يمكن ان تعالج في اروقة الحوار السياسي وليس على صفحات الجرائد او في وسائل التواصل.
في كل الدنيا، ولكل كيان، صغير او كبير، دولة او تنظيم، كل من هؤلاء له اهداف، بعضها يهدف الى مزيد من النمو والى حماية أمنه الوطني او الاقليمي، وبعضها ينشد الإستقلال، كحالنا في الجنوب، وهدف كل طرف هو تسويق قضيته للوصول الى هدفه، ولا يختلف إثنان على ان (الشتيمة) ليست من الوسائل المناسبة للتسويق، فهي تنفر المشتري وتسئ للبضاعة.
للاشقاء في التحالف اهداف وطنية واقليمية، ولنا في الجنوب هدف واضح ومعلن، وهو انجاز الاستقلال وقيام الدولة الجنوبية الفيدرالية واذا سمحنا بتصادم هذه الاهداف فلا يحتاج الأمر الى فطنة في اننا المتضرر الاول.
عشنا في الجنوب تجربة سابقة كانت فاشلة (فيما يخص علاقتنا بمحيطنا العربي) فقد كنا نلتفت الى علاقاتنا مع دول امريكا الجنوبية (مثلا) وادرنا ظهورنا لمحيطنا العربي، بل واعتبرنا من يدعو لتحسين علاقاتنا بجوارنا ضربا من الخيانة، وعندما حلت بنا الكارثة في غزو ١٩٩٤م لم نجد الا محيطنا العربي يفتح ذراعيه لنا، ولم ينجدنا في غزو ٢٠١٥م الا محيطنا العربي.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فأن اشقائنا في سلطة صنعاء يقعون في نفس خطيئتنا، فهم يصرون على التنكر لمحيطهم العربي ومحاربته رغم وجود ثلاثة ملايين مغترب يمني في هذا المحيط، ولا يوجد مغترب واحد في جمهورية ايران الاسلامية.
ومع ان لا احد ينكر وجود علاقة سوية مع جمهورية ايران الاسلامية لكن العلاقة مع محيطنا العربي اهم واسبق فللجغرافيا أحكام تفرض نفسها.
عود على بدء، فنحن ندرك فشل الشرعية في كل المسارات، العسكرية والاقتصادية وحتى السياسية، وربما ادرك ذلك التحالف، وفي الوقت الذي نقر بحق التحالف في البحث عن وسائل اخرى لتحقيق اهدافه، فمن حقنا في الجنوب ان نسعى لفصل مشروعنا عن مشروع الشراكة في سلطة صنعاء الذي تنشده الشرعية، ولا نظن ان الاشقاء في التحالف ينكرون علينا ذلك اذا كان الاستقرار هدف مشترك للجميع، بمن فيهم الاشقاء في العربية اليمنية، في سلطة صنعاء وفي الشتات.
خطابنا الاعلامي احد مسارات النضال الوطني الجنوبي، فهو صانع مهم للتلاحم والتقارب الجنوبي ونهج التصالح والتسامح والحوار الجنوبي، وهو وسيلة لتسويق قضيتنا لدى محيطنا العربي والعالم، ولا نريد لهذه الوسيلة ان تتحول الى هراوة تدمير للتقارب الجنوبي او اداة للتسويق السئ.
عدن
٢١ فبراير ٢٠٢٣م